الحياة في غزة تنهار: تجار النقد يسيطرون على الاقتصاد

2025-07-11 13:33:39

نشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية الدولية، تقريرًا عن واقع الحياة في قطاع غزة، في ظل أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة.

ووصف التقرير، الحياة بغزة بأنها تنهار بما في ذلك اقتصاديًا، قائلاً: "النقد هو شريان الحياة لاقتصاد غزة المنهار، ومثله مثل الغذاء والوقود والدواء، أصبح سلعة نادرة للغاية في ظل أن جميع فروع البنوك وأجهزة الصراف الآلي تقريبًا معطلة، ويضطر السكان إلى الاعتماد على شبكة واسعة من تجار النقد الأقوياء للحصول على المال لتغطية نفقاتهم اليومية، بعمولة ارتفعت إلى حوالي 40%".

وقال أيمن الدحدوح، مدير مدرسة في غزة، لوكالة أسوشيتد برس: "الناس يبكون دمًا بسبب هذا الوضع. إنه يخنقنا ويجوعنا".

ويشير التقرير إلى أنه مع ارتفاع التضخم والبطالة، يزيد النقص الحاد في السيولة النقدية من الضغوط المالية على العائلات، التي يضطر بعضها لبيع ممتلكاتها لشراء الضروريات، وفق ترجمة "صدى".

وبينت أن الأوراق النقدية الحالية تفقد قيمتها أيضًا، حيث يستخدم قطاع غزة الشيكل، ولكن في ظل عدم توفر إمدادات جديدة من الأوراق النقدية من إسرائيل، ترفض الشركات والمؤسسات والتجار وأصحاب المحال والعاملين في الأسواق، قبول الأوراق النقدية البالية، في سوق تُعد فيه النقود شرطًا أساسيًا للحياة، ما أدى إلى أن قيمة الأوراق النقدية البالية بات أقل من الصفر.

ويقول معدو التقرير: تكمن جذور الأزمة في الحرب والسياسة الاقتصادية، حيث تمنع إسرائيل تحويل الأموال النقدية إلى غزة منذ بداية الحرب، وذلك للحد من قدرة حماس على تمويل الأسلحة ودفع رواتب مقاتليها، في الوقت نفسه، سحبت عائلات غزية ثرية أموالها من البنوك وهجرت القطاع، فيما يرفض أصحاب الشركات والمحال والباعة، بيع بضائعهم رقميًا، ويفضلون الدفع نقدًا، وهكذا، ومع تناقص السيولة النقدية وتفاقم اليأس العام، ارتفعت عمولة الصرافين من 5% في بداية الحرب إلى ما يقرب من 40%.

ويضيف التقرير: الإجراء بسيط ولكنه مؤلم: تُحول الأموال إلى التاجر رقميًا، وبعد لحظات تستلم بضعة أوراق نقدية، لا تساوي سوى جزء بسيط من المبلغ، مشيرًا إلى أن هؤلاء التجار يعملون علنًا وسرًا.

وقال محمد بشير الفرا، لاجئ من خان يونس: "إذا احتجت إلى 60 دولارًا، أحول 100 دولار، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي نستطيع بها شراء الدقيق والسكر .. نخسر ما يقرب من نصف المال، لنتمكن من استخدامه فقط".

وأضاف التقرير: تعيش غزة على النقد، وهو غائب تمامًا.

ووفقًا للبنك الدولي، ارتفع التضخم في غزة بنسبة 230% في عام 2024، وانخفض بشكل طفيف خلال وقف إطلاق النار في يناير، ثم عاد للارتفاع بعد انسحاب إسرائيل من الاتفاق في مارس، وبلغ معدل البطالة بين السكان 80% بنهاية عام 2024، ومن المرجح أن يكون الرقم أعلى اليوم. كما ترجم قسم اقتصاد صدى.

يتلقى العمال القلائل أجورهم عبر التحويلات المصرفية، ولكن عندما يرغبون في شراء الخضراوات أو الماء أو الأدوية أو حتى السفر، فإنهم يحتاجون إلى النقد.

تقول شهد عجور، التي دمر منزلها ومتجرها، اضطرت لبيع مجوهراتها لشراء الدقيق والمعلبات، وتنفق عائلتها الآن 12 دولارًا على الدقيق كل يومين، أي ثلاثة أضعاف سعره قبل الحرب، فيما ارتفع سعر السكر أكثر فأكثر: فوفقًا لبعض السكان، يباع كيلوغرام السكر بسعر يتراوح بين 80 و100 دولار، مقارنةً بأقل من دولارين في الماضي، ويبلغ سعر لتر البنزين حوالي 25 دولارًا (95 دولارًا للغالون)، وهو سعر مخفض أيضًا، حتى باتت هذه المبالغ تستنزف أي مدخرات لدى السكان.

يقول التقرير، كما ترجم قسم اقتصاد صدى، بعد ما يقرب من عامين من الحرب، أصبحت معظم الأوراق النقدية في غزة بالية.

يقول محمد العويني، الذي يعيش في خيمة جنوب قطاع غزة: "العملة هشة للغاية، تشعر وكأنها ستذوب بين يديك".

يضطر أصحاب الأعمال إلى طلب أموال صالحة للاستخدام من الزبائن، لأن مورديهم يطلبون منهم أيضًا أوراق نقدية جديدة فقط.

يقول ثائر سحويل، تاجر دقيق من دير البلح، إن الموردين طالبوه بالدفع بأوراق نقدية من فئة 200 شيكل فقط، وهي نادرة جدًا في غزة، من ناحية أخرى، يدفع معظم الزبائن أوراق نقدية متهالكة من فئة 20 شيكل، والتي يتم رفض التعامل معها.

يشير التقرير إلى ولادة مهنة جديدة تتعلق بإصلاح الأوراق النقدية، حيث بات يتراوح سعر الورقة النقدية بين 3 إلى 10 شواقل، فيما وصلت قيمة ال 50 دولارًا، تساوي صفرًا تقريبًا.

وبين التقرير أن الأوراق التي يتم إصلاحها تُرفض أحيانًا من قبل التجار والباعة وغيرهم، الأمر الذي أبقى سلطة هذا الأمر في أيدي هؤلاء بدون رقابة أو مسؤولية من أي أحد، في ظل إغلاق البنوك منذ بداية الحرب، الأمر الذي حول أصحاب السيولة النقدية إلى مراكز قوة.

يقول محمود عقل، أحد سكان جنوب قطاع غزة الذي نزح من منزله: "الشعب في قبضة هؤلاء .. لا أحد يوقفهم".

يشير التقرير إلى أن سلطة النقد الفلسطينية، حاولت كسر الاعتماد على النقد من خلال نظام مدفوعات رقمية يُسمى "آي براق"، وانضم إليه حوالي نصف مليون مواطن، أي ربع السكان،  لكن معظم التجار رفضوا قبول المدفوعات الرقمية، فتعثر المشروع.

ويتساءل التقرير: من المستفيد حقًا من كل هذا؟ الأمر غير واضح، شددت إسرائيل القيود على المساعدات الإنسانية، مدعيةً أن حماس تستولي على بعض الشحنات.

يزعم بعض الخبراء أن تجار النقد يخدمون حماس أيضًا، لكن لا يوجد دليل واضح على ذلك. كما يوضح التقرير، وفق ترجمة قسم اقتصاد صدى.

يقول عمر شعبان، رئيس معهد بال ثينك للأبحاث في غزة: "لقد حولت الحرب كل شيء إلى ظلام .. لا أحد يعلم من يُدخل السجائر إلى غزة .. إنها أشبه بالمافيا".

وبحسب قوله، فإن هؤلاء التجار الصامدين هم على الأرجح مديرو تجارة النقد، وموردي السلع الأساسية في الوقت نفسه.

وأضاف: "إنهم يكسبون المال من هذه الرسوم أو العملات التي يتحصلون عليها".

بالنسبة لسكان قطاع غزة، عندما ينفد المال، لا يتبقى لهم سوى المساعدات الإنسانية، من أجل إطعام عوائلهم.