من البذرة إلى الخبزة

لفتني الاحتفاء عربياً بيوم الرغيف العربي منذ أربعين عاماً مضت، وقبل أيام كان الاحتفاء من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالتعاون مع الاتحاد العربي للصناعات الغذائية، بالذكرى الأربعين ليوم الرغيف العربي، وذكرى المؤتمر العربي الدولي الأول لصناعة الحبوب الذي عقد عام 1984 في الأردن، والذي ركز على صناعة الخبز والحبوب في العالم العربي.
ولا بد من جولة استطلاعية إلكترونية للتعرف على تفاصيل الرغيف العربي وأين تكمن أهمية هذا اليوم. ولعل ما دفعني إلى هذا كله حال التجويع في غزة والحرمان حتى من رغيف الخبز في الوقت الذي يعتبر رفيق المستهلك العربي والفلسطيني في وجباته كافة، ترى كيف يتخيل العالم في الاحتفاء بيوم الرغيف ونشر المواعظ الصحية ونقاش الأمن الغذائي وزراعة وصناعة الحبوب، وهناك في قطاع غزة يجوع الناس.
رغيف الخبز منتج أساسي في العالم العربي ويعتبر رمزاً للغذاء الرئيس وطعاماً أساسياً في الوجبات، وهو رمز تراثي ثقافي فهو عنصر أساسي في النظام الغذائي بصرف النظر عن المستوى الاجتماعي، ويوفر نظاماً غذائياً، وأمنا غذائياً يسهل الوصول إليه.
فلسطينياً الأمر لا يختلف عن الوضع العربي ذات اللقمة، الاعتماد على استيراد القمح، حديثنا الطويل عن الصوامع لتخزين القمح، تطوير صناعة الخبز من الرغيف التقليدي إلى رغيف الخبز ذي الحبة الكاملة إلى الأمن الغذائي إلى دراسة إمكانية زراعة القمح، وهي باتت معقدة في ضوء التوسع الاستيطاني والسيطرة على مصادر المياه. ثقافياً وتراثياً نتقاطع تماماً وصحيح أن الخبز غير مدعوم لكن أسعاره مراقبة ومضبوطة نوعاً ما والوصول إليه ميسر.
وقد يبدو «يوم الرغيف العربي» مثيراً لشهية جمعية حماية المستهلك الفلسطيني لإحيائه، خصوصاً أنه موضوع مترابط مع عدة عناوين تهم المستهلك وتهم صناعة الحبوب وغيرها، وإذا كانت المنطقة العربية في العام 2050 ستستورد نصف الإنتاج المخصص للتصدير عالمياً من القمح ونحن جزء من هذه الحالة وموضوع الحبوب مهم وحيوي.
فتح الملف بالشراكة مع الحكومة، القطاع الخاص، المخابز، تجار الحبوب، والأكاديميين سينتج شيئاً يبدأ من البذرة إلى اللقمة، ونمر بارتباط الخبز بالثقافة والتراث والتقاليد والألفة والجَمعة، ومهم الخروج باستخلاصات تشاركية تتناسب مع الواقع وتتصدى للتحديات تحت عنوان الاستدامة، سلسلة التوريدات، التخزين، تطوير الإنتاج، التوعية الغذائية وقضايا الحمية.
وهذا يعزز توجهنا بالدعوة المستمرة لتدعيم رغيف الخبز بالمغذيات مثل البروتينات، والفيتامينات، والمعادن، والألياف الغذائية، واستخدام الحبوب الكاملة. ومهم تقليل استخدام الملح في صناعة الخبز، ثمة حاجة إلى تطوير المخابز والأفران، ما يساعد في الحد من المهدر والفاقد من الغذاء والطاقة. وتلك القضايا تحتاج إلى حلقات توعية وتثقيف ونقاش مع المستهلكين ومع جهات الاختصاص للضغط لتنفيذ المواصفات بتدعيم الخبز وتقليل استخدام الملح، تدريب الأشخاص المتخصصين في قطاع تصنيع الحبوب ورفع قدراتهم.
وتوجهنا في الجمعية بناء شراكات وطنية من أجل نشر الثقافة والتوعية حتى لا تظل هبات تمويلية وتغيب، والشراكة المهمة مع الإعلام والإعلام الإلكتروني لنشر الوعي وإيصال الرسائل.