القدس: مدينة السلام ومرايا سراييفو 

2025-07-12 08:56:20

في قلب البلقان، نهضت سراييفو من رماد الحرب لتُلقّب بـ"القدس الأوروبية" — مدينةٌ جمعت بين المآذن وأجراس الكنائس، وبين المعاناة والأمل، حتى أصبحت رمزًا عالميًا للتعايش والسلام. واليوم، تحمل القدس ذات الطابع الروحي والتاريخي العظيم تطلعات مشابهة؛ فهل يمكن للقدس أن تحذو حذو سراييفو، وتتحول إلى مدينة تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم؟

من سراييفو إلى القدس: دروس في الشفاء والتعايش

في سراييفو، لم يكن السلام مجرد غياب للسلاح، بل كان بناء هوية جامعة تحتضن المسلمين، الكاثوليك، الأرثوذكس، واليهود. وكذلك يمكن للقدس — التي تمثل قلبًا نابضًا للديانات السماوية — أن تتحول من ساحة للصراع إلى منبر للتسامح. كيف؟ عبر خطوات عملية ترسخ التعدد وتدفع نحو التفاهم:

- إحياء هوية مقدسية جامعة تشعر بها كل المكونات السكانية دون تهميش.
- إنشاء مؤسسات للحوار والتقارب على غرار مراكز سراييفو الثقافية.
- استخدام الفنون والتراث المشترك لإعادة نسج الحكاية المقدسية بلغة تشاركية.
- تمكين الشباب ليكونوا جسور المستقبل، كما فعلت سراييفو.
- الاعتراف بالألم وتوثيق التاريخ تمهيدًا للشفاء الجماعي.

 التعايش برعاية دولية: من الحلم إلى المشروع

إن تحويل القدس إلى مدينة سلام لا يتطلب فقط النوايا الطيبة، بل إرادة سياسية، دعمًا شعبيًا، وآليات دولية واضحة، منها:

- إشراف دولي محايد عبر الأمم المتحدة أو منظمة التعاون الإسلامي لرعاية جهود التعايش.
- حماية الحقوق المدنية لكل سكان القدس، بغض النظر عن الديانة أو الأصل.
- وقف الانتهاكات والتوسع الاستيطاني التي تعمّق الهوة وتنتهك القانون الدولي.
- برامج تنموية مشتركة كمدارس مدمجة ومراكز ثقافية متعددة الهويات.
- حماية المقدسات تحت إشراف دولي لضمان حرية العبادة.
- مبادرات شعبية للحوار تجمع العائلات الثكلى والشباب، لزرع الثقة وفتح الجراح للشفاء.

- نداءات الأمم المتحدة لحماية القدس والحفاظ على وضعها التاريخي والديني.

في القدس، حيث كل حجر يحمل قصة، وكل صلاة تلامس السماء، لا تزال الفرصة قائمة لتحويل المدينة إلى رمز عالمي للسلام — لا فقط لأنها تستحق، بل لأن العالم يحتاج قدسًا تُضيء ولا تحترق، تجمع ولا تفرق، تُحيي ولا تُميت.
القدس مدينة السلام… لكنها تنتظر من يكتب الفصل القادم من حكايتها