شرعية اسرائيل بلا أساس قانوني

2025-07-16 16:39:57

قد يرى البعض أن إسرائيل قائمة منذ عام 1948 ولكن قيامها لا يعني أنها دولة ذات مشروعية قانونية أو أخلاقية ، إنها لم تنشأ على أساس العدالة أو احترام القانون الدولي بل قامت على أنقاض شعب آخر وبدعم استعماري وتنفيذ مشروع أيديولوجي عنصري إقصائي  ، من الضروري فهم طبيعة نشأتها والسياق الاستعماري المحيط بها ومصالح القوى التي ساندتها ومدى تعارضها مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.

أُعلنت إسرائيل في 14 أيار/مايو 1948 بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين وسيطرت فوراً على أكثر من 78٪ من أرض فلسطين التاريخية رغم أن قرار التقسيم الأممي رقم 181 منحها 56٪ فقط ، هذا الإعلان تزامن مع تهجير قسري لأكثر من 750 ألف فلسطيني وتدمير مئات القرى والمدن وغياب كامل لتطبيق الشق الآخر من القرار المتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية و بالتالي لم تكن ولادة إسرائيل نتيجة تسوية عادلة بل تم فرضها بقوة السلاح وبسياسة “الأمر الواقع” وعلى حساب شعب أصيل متجذر في أرضه.

صدر القرار 181 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 في وقت كانت فيه القوى الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا تمارس نفوذاً واسعاً في مقابل غياب كامل للتمثيل الفلسطيني والعربي الفاعل ، القرار نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية مع تدويل القدس ، لكنه من الناحية القانونية غير ملزم لأن الجمعية العامة لا تملك صلاحية فرض قيام دول كما تجاهل القرار حق تقرير المصير للفلسطينيين وأغفل إرادة الأغلبية السكانية في البلاد ورغم مرور أكثر من 75 عاماً لم يتم تنفيذ الشق الخاص بالدولة الفلسطينية مما يؤكد أن هذا القرار لم يكن قاعدة قانونية عادلة بل أداة فرض سياسي.

وفق المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم يُفترض بالانتداب أن يهيئ الشعوب لنيل الاستقلال لكن ما حدث في فلسطين كان نقيض ذلك تماماً ، الانتداب البريطاني تضمّن “وعد بلفور” المشؤوم الذي منح أرضاً لا يملكها لمن لا يستحقها وشهد دعماً مفتوحاً للهجرة اليهودية وتسليحاً للتنظيمات الصهيونية وقمعاً للثورة الفلسطينية ومنعاً لتأسيس مؤسسات وطنية عربية ، بريطانيا عملت على تهيئة الأرض لمشروع استيطاني إحلالي لخدمة مصالح استعمارية بحتة: التخلص من اليهود في أوروبا والسيطرة على الشرق الأوسط وموارده الاستراتيجية.

الصهيونية التي وقفت خلف المشروع لم تكن مجرد حركة قومية بل مشروع استيطاني إحلالي أوروبي نشأ في نهاية القرن التاسع عشر قاده تيودور هرتزل بتحالف وثيق مع القوى الاستعمارية و قامت هذه الأيديولوجيا على فكرة عنصرية إقصائية تجاهلت وجود السكان الأصليين وروّجت لأكذوبة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” ، و سعت الصهيونية إلى إحلال جماعات مهاجرة مكان الفلسطينيين وفرض دولة يهودية على أرض متعددة الأعراق والأديان وهو ما يتناقض مع كل قيم التعايش والعدالة.

وفي عام 1975 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3379 الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري ورغم إلغاء القرار لاحقاً عام 1991 تحت ضغط وابتزاز أمريكي خلال التحضير لمؤتمر مدريد للسلام فإن المضمون الأخلاقي والقانوني لإدانة الصهيونية لا يزال قائماً فالإلغاء لم يكن لأسباب قانونية بل نتيجة صفقة سياسية مشبوهة وخادعة وانتزاع اعتراف مجاني بإسرائيل مقابل وعود لم تُنفَّذ بإقامة دولة فلسطينية.

انضمام إسرائيل إلى الأمم المتحدة عام 1949 وحصولها على اعتراف سياسي واسع لم يأتِ نتيجة احترام للقانون الدولي بل بفعل ضغوط أمريكية هائلة وابتزاز مارسته واشنطن بمساعدة أغلب الدول الأوروبية.

لكن هذا الاعتراف لم يُغيّر من الواقع:
    •    الدولة الفلسطينية لم تُقم.
    •    ملايين اللاجئين لم يُعادوا إلى أراضيهم.
    •    الاحتلال والاستيطان مستمران.
    •    عشرات القرارات الأممية منها قرارات ملزمة من مجلس الأمن لم تُنفذ حتى اليوم بسبب الفيتو الأمريكي.
الاعتراف الدولي في ظل كل هذه الانتهاكات لا يُنتج شرعية قانونية حقيقية بل يعكس توازنات قوة سياسية لا صلة لها بمفاهيم العدالة أو القانون الدولي.

بل إن أمريكا لم تكتفِ بالضغط السياسي بل سنت قوانين تُجيز لها استخدام القوة ضد أي جهة تنفذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤوليها في حين تُلاحق المحكمة قادة دول مثل فلاديمير بوتن ترفض إسرائيل وأمريكا حتى مجرد الاعتراف بالمحكمة وتمارسان الضغوط العلنية والتهديد المباشر لقضاتها ما يمثل سابقة خطيرة في خرق القانون الدولي.

منذ تأسيسها ارتكبت إسرائيل جرائم لا حصر لها بحق الفلسطينيين من مجازر النكبة إلى العدوان المتواصل واليوم تُتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة إلى جانب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الضفة الغربية والقدس:
    •    استهداف المدنيين والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية.
    •    استخدام الحصار والتجويع كأسلحة حرب.
    •    التهجير القسري وسياسات التطهير العرقي.

كل هذه الأفعال تُفقد إسرائيل أي أهلية أخلاقية أو قانونية بوصفها دولة وتكرّسها كعصابة إرهابية عنصرية مدعومة من قوة استعمارية لا تحترم القانون الدولي.

إسرائيل ليست “دولة طبيعية” بل نتاج مشروع استيطاني عنصري فُرض بالقوة على حساب شعبٍ صاحب حق و لا تستند في وجودها إلى أي شرعية قانونية أو أخلاقية بل إلى تحالف مع القوة الغاشمة ومصالح الهيمنة الغربية.

وطالما لم تُسترد الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها:
    •    إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
    •    عودة اللاجئين.
    •    وقف حرب الإبادة والاحتلال والاستيطان والتمييز

فإن شرعية إسرائيل ستبقى مطعوناً فيها قانونياً وأخلاقياً مهما بلغ دعمها الدولي أو قوتها العسكرية.