أزمة جسر الملك حسين ... تحديات الواقع ومسؤوليات الاستجابة

خاص - راية
سلّط برنامج "قضايا في المواطنة"، الذي يُبث عبر شبكة "راية"، الضوء على أزمة عبور الفلسطينيين عبر جسر الملك حسين، تحت عنوان: "أزمة جسر الملك حسين... تحديات الواقع ومسؤوليات الاستجابة"، بمشاركة كل من محمد التميمي، الناطق الإعلامي باسم وزارة الداخلية الفلسطينية، والدكتور طالب عوض، رئيس الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين "بكرامة".
استعرض الضيفان في مداخلاتهما أبعاد الأزمة المتفاقمة كل عام، خاصة في مواسم السفر الصيفية، متناولين أسباب الاكتظاظ، وفشل المنصات الإلكترونية، ومظاهر الاستغلال، وقدموا توصياتهم لاحتواء الأزمة بما يحفظ كرامة الفلسطيني في تنقله من وإلى وطنه.
محمد التميمي قال إن وزارة الداخلية تابعت الأزمة من اللحظة الأولى عبر تواصل مباشر مع الجانب الأردني بعد ورود شكاوى من المسافرين العالقين، موضحًا أن هذه الأزمة تتجدد سنويًا خلال عودة عشرات الآلاف من المغتربين، وقد تضاعفت هذا العام نتيجة التصعيد في المنطقة.
وأوضح التميمي أن الأعداد الهائلة فاقت قدرة المعبر، الذي يعمل لساعات محدودة تصل أحيانًا إلى الساعة الواحدة ظهرًا، ما يخلق اختناقات حادة.
وأضاف: "في فترات سابقة، كان الجسر يعمل 24 ساعة، وكان ذلك يُخفف بشكل كبير من معاناة المسافرين، رغم الكلفة المالية العالية".
وبخصوص منصة الحجز الإلكتروني، أقر التميمي بأنها أُطلقت دون جاهزية كافية وواجهت مشاكل تشغيلية. وأكد أن اللجان الفنية والوزارية الفلسطينية والأردنية على تواصل مستمر لإعادة تقييم المنصة وتعديل آلياتها.
وتطرّق التميمي إلى ظاهرة الاستغلال المالي، مؤكدًا أن "بعض الانتهازيين يستغلون حاجة المسافر، فيُطلب منه الدفع لتسريع مروره أو تُؤخر حقائبه عند رفض الدفع".
وتابع إن الوزارة تتلقى شكاوى المواطنين وتتابعها، ولكن هذه الظاهرة تتطلب أيضًا وعيًا ومسؤولية من المسافر نفسه، داعيًا إلى تقديم الشكاوى فورًا عبر القنوات الرسمية، مثل وحدة الشكاوى في معبر الكرامة أو المنصات الأردنية المعتمدة.
وأردف التميمي قائلا: "نحن نعمل مع الجانب الأردني لضمان عدم استغلال المواطنين، وهناك توجيهات من وزير الداخلية الأردني بملاحقة المخالفين ومحاسبتهم، ولكن لا يمكن حل هذه الإشكالية إلا بتعاون المواطن نفسه وعدم الاستجابة لحالات الابتزاز".
وفي ختام مداخلته، شدد التميمي على أهمية العودة إلى فتح الجسر على مدار الساعة، أو على الأقل تمديد ساعات عمله حتى منتصف الليل، لأن ذلك يمثل "الحل الجذري والمستدام" للأزمة التي تتكرر سنويًا، حسب قوله.
بدوره، أكد الدكتور طالب عوض أن الأزمة الحالية تجاوزت الاكتظاظ وسوء التنظيم، وأصبحت مساسًا مباشرًا بحق الفلسطيني في التنقل بحرية وكرامة، وهو أحد الحقوق الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية.
وأشار عوض إلى أن السوق السوداء باتت تتحكم بتذاكر السفر، إذ ارتفع ثمن التذكرة من 7 دنانير إلى 70 دينارًا، نتيجة ضعف الرقابة، وغياب ربط التذاكر باسم المسافر في بداية تشغيل المنصة.
وقال: "تم لاحقًا ربط التذكرة بالاسم ورقم الجواز، لكن كان يجب أن يُفعل هذا الإجراء منذ البداية. الأجدر أن يُربط الحجز برقم الهوية الفلسطينية، لأن الجميع يحملها، ما يُسهل التحقق من شخصية المسافر".
وانتقد عوض الازدحام الحاصل في خدمة الـVIP، التي تحولت من مسار سريع إلى خانق، إذ تجاوز عدد المسجلين 3,000 مسافر، بينما القدرة الاستيعابية اليومية لا تتجاوز 500 شخص، ما دفع البعض – كما قال – إلى "تسلق الأسوار بحثًا عن فرصة للعبور".
وأضاف: "السفر لم يعد مجرد تنقل، بل أصبح عبئًا نفسيًا وجسديًا واقتصاديًا. المواطنون ينتظرون منذ ساعات المساء حتى الفجر، بينهم أطفال ومرضى وكبار سن، والسبب يعود لسوء الإدارة وقصر ساعات العمل".
ودعا إلى حملة وطنية ضاغطة تضم مؤسسات رسمية وأهلية وشعبية، وإلى تحرّك سياسي على مستوى دولي من أجل فتح الجسر 24 ساعة أو على الأقل تمديد ساعات تشغيله حتى منتصف الليل.
وتابع: "حق التنقل مكفول في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948، ويجب ألا يُحرم منه الفلسطيني".
كما اقترح تطوير منصة فلسطينية - أردنية مشتركة لرصد الحجوزات وضمان الشفافية والعدالة، مؤكدًا على ضرورة إنشاء رقابة إلكترونية فاعلة على السوق السوداء.
وحذر: "لا يُنصح بالسفر حاليًا إلا بعد حجز موعد مؤكد للعودة. من يسافر دون ذلك قد لا يستطيع العودة إلا بعد عشرة أيام، وهو ما يُحوّل الرحلات القصيرة إلى معاناة طويلة".
خلاصة وتوصيات
في ضوء ما طُرح في البرنامج، يتضح أن أزمة جسر الملك حسين لا تقتصر على أسباب ظرفية أو موسمية، بل ترتبط ببنية إدارية وتنظيمية مهترئة، وسوء تنسيق، وتراكم فشل في الاستجابة لاحتياجات المسافرين الفلسطينيين.
ويجمع الضيفان على أن الحل يتطلب ثلاث خطوات رئيسية:
فتح المعبر 24 ساعة أو تمديد ساعات العمل على الأقل حتى منتصف الليل.
تطوير المنصة الإلكترونية وربط الحجز بالهوية لضمان العدالة والحد من التلاعب.
فرض رقابة صارمة على السوق السوداء والممارسات الاستغلالية، ومحاسبة الجهات المخالفة بشكل علني.
وبرنامج "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة "REFORM" ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
وفيما يلي الحلقة كاملة: