لماذا جاء البيان الحكومي باهتا؟

ضجت صفحات السوشال ميديا والمواقع الاخبارية بالهجوم على البيان الحكومي الذي خلى من اي حلول واضحة، غاب عن الكثيرين ان اي قرارات استراتيجية ما زالت بيد الرئيس، فحتى وان اتخذت الحكومة قرار بالاغلاق الكلي و/او الجزئي و/او اعلان حالة الطوارئ كلها خطوات تحتاج الى مرسوم رئاسي وفقا للقانون الاساسي الفلسطيني او قرار بقانون وفقا للصلاحيات المحددة للرئيس.
يبدو ان التروي في اتخاذ خطوات محددة يعود الى :
1. مفاوضات الدوحة بين حركة حماس واسرائيل ستسفر على ما يبدو عن وقف لاطلاق النار، قد يستدعي تشكيل حكومة جديدة و/او اجراء تعديل واسع على الحكومة، وبالتالي فان اعلان حالة الطوارئ بهذه الاثناء سيكون غير منتج.
2. اي خطوة دراماتيكية ستؤثر ليس على القطاع الحكومي لوحده بل سيؤدي الى ابطاء في العجلة الاقتصادية، وقد ينتج عنه تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة، قد تعجل في انهيار السلطة و/او زيادة الضغوط الشعبية عليها بدلا من التخفيف عنها.
3. هناك توجه ونحن لا نؤيده ان يتم نقل الثقل الاداري والمالي كما هو السياسي الى منظمة التحرير الفلسطينية، مع العلم ان اللجنة التنفيذية اجتمعت اليوم وكان على جدول اعمالها الرئيسي التحضير لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني!.
الحكومة على ما يبدو اتخذت بالامس جملة من القرارات التي تتعلق بالاغلاق الجزئي او ما بات يعرف "تقليص العمل" في الوزارات جميعها والمؤسسات العامة، وتفاديا لردات الفعل صدر البيان بهذا الشكل،
الحكومة ان اتخذت قرارات ولم تعلنها لمزيد من النقاش والتحضيرات فعلى خطواتها الا تقتصر على قطاع الموظفين والدوائر العامة، بل ان تذهب لكل ما له علاقة بعمل الحكومة، بحيث يكون الهاجس لها هو حماية حقوق الموظفين اولا واخيرا، بحيث تستنفذ كافة الخطوات الاخرى قبل المساس باي مراكز قانونية قائمة ومستقرة.
تقليص الدوام يجب ان يكون ضمن سلسلة من الخطوات كي لا يشعر الموظف انه تم التضحية به، ويمكن ان نذكر بعدد من الخطوات المهمة وهي:
1. تعزيز الصمود هو اولوية على حساب المشاريع لان توفير المتطلبات للانسان اهم من تنفيذ المشاريع التي تتعلق بالبنية التحتية و/او اية مشاريع ممولة من الخزينة العامة، وتحويلها للمصاريف التشغيلية الاساسية كشراء الادوية والمعدات الطبية ومستلزمات اساسية تتعلق بحياة الناس وتعزيز صمودهم فوق ارضها وتحول الى الرواتب.
2. وقف كافة السفريات والنثريات وتخفيض المحروقات ومصاريف التنقل واي تعيينات تحت اي مسمى او سبب الا بقرار مسبب ومدقق عليه.
3. طالما ان الايردات المالية المحلية للخزينة تتكون من حوالي 35% حسب المعطيات الرسمية وباقي الايردات تتعلق بالمقاصة والمنح والقروض الخارجية، فان على الحكومة ان تنشر وبشكل شهري اين تذهب هذه الايرادات وبشكل مفصل حتى تعزز من الشفافية وتمكن الجمهور من معرفة ابواب الصرف من حيث الاولويات الاساسية التي تعزز بقاء الانسان فوق ارضه.
4. نوصي بان يقوم الوزراء ومن في حكمهم ومدراء الدوائر العامة بنشر كافة المصاريف التي تتعلق بهم على صفحات وزارتهم والمؤسسات العامة ، بحيث يكون هناك كشف دوري ودائم تمكن الجهات المختلفة من رصد هذه المصارف وبذات الوقت تعكس رغبة الحكومة في تعزيز الثقة مع المواطنين.
5. طالما ان وزارة الصحة والخارجية تستحوذان على الرواتب الافضل على بنود الموازنة فالافضل ان يتم نشر الفروق بهذه الرواتب والاسباب المالية والقانونية لذلك، وهذا يدفعنا الى الاقتراح الاساس والذي يتطلب تقليص عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية الى الخارج، خاصة وان الدبلوماسية الفلسطينية للاسف لم تحقق اي اختراق في الموقف الدولي وما موقف اوروبا الاخير والذي فشل في فرض عقوبات على اسرائيل الا دليل على وهن السفراء في عملهم وغياب اي تأثير من قبلهم على صناع القرار.
6. يفضل ان تقوم الحكومة بالتوضيح للجمهور الفرق بين السفارات التي تتبع لوزارة الخارجية الفلسطينية والصندوق القومي الفلسطيني، وامتيازات كل من يتبع للصندوق عن التبعية المالية والامتيازات المتنوعة للخارجية، مع اهمية التوضيح من قبل وزارة المالية عن الموارد المالية الممنوحة من الموازنة العامة للصندوق القومي و كيفية صرفها والرقابة عليها.
7. طالما ان المدير في وزارة الصحة يحصل على علاوات اكبر من نظيره في وزارات اخرى من المهم ان توضح الحكومة اسباب هذه الفروق ونشرها للجمهور حتى يتم جسر الهوة ما بين الوزرات المختلفة.
8. هناك هجوم واضح على كل من تعاقدت معه الحكومة من خلال منظمات الامم المتحدة بعقود خاصة، و/او الذين يعملون على مشاريع ممولة ويتقاضون اجورهم من قبل هذه المنظمات والجهات الدولية فمن المهم ان تقوم بتوضيح سياستها بذلك، كي يتم ارسال رسائل لجمهور الموظفين تبعث على الثقة وتعزز من منظومة المكاشفة.
من يظن ان استبدال الحكومة هو الحل الوحيد فانه يخطئ، فالعالم طلب من السلطة تعيين نائب رئيس وتم، وكان الناس على امل ان تخفف الازمة ولم تخفف، وطلب العالم من السلطة وقف دفع رواتب الاسرى والشهداء والجرحى وتم ذلك وزاد الحصار، وتم الطلب بوقف ما يسمونه تحريضا من خلال وسائل الاعلام الرسمية وتم ذلك واستمر الحصار المالي والسياسي، والان يتم العمل على تغيير المناهج و/او التعديل عليها، نحن للاسف فقدنا كافة اسباب البقاء السياسي ونحن اقرب الى الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي، وما زال البعض يوهم نفسه انه سينجو، لذا انها ازمة نظام سياسي ووجود فوق ارضنا، لذا حان لحالة التكلس السياسي ان تنتهي، ويكفي ان نردد ان الامارات تربد رئيس وزراء جديد وان السعودية تطرح اسم اخر وان فرنسا تريد اخر، وقطر لا تمانع من تكليف اخر، واسرائيل تدعم هذا الشخص على حساب اخرين.قالوا ذلك عندما استقال الدكتور محمد اشتيه وتوقع الكثيرين ان الحكومة الجديدة ستأتي بالحل، فماذ جرى! المطلوب رؤوسنا جميعا وعلى من يقود زمام امورنا ان يقول للناس الحقيقة ويتخذ موقف واضح حتى نتمكن من النجاه، هذا ان تمكنا من ذلك!!!