خاص| المجاعة تنهش الأجساد في غزة وتحذيرات من وفيات جماعية
رغم مئات التحذيرات والمناشدات التي أطلقتها مؤسسات المجتمع المدني والمراكز الطبية والحقوقية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة التجويع الممنهج بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة منذ ما يزيد عن 100 يوم، في ظل غياب تام لأي استجابة دولية حقيقية.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، وصف نائب مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أمجد الشوا، المشهد الإنساني في غزة بأنه وصل إلى "مرحلة حرجة تهدد حياة الآلاف، في ظل مجاعة حقيقية وانهيار شامل للخدمات الصحية والمعيشية".
وقال الشوا، إن الاحتلال الإسرائيلي لا يأبه بالمناشدات ولا بالتقارير الطبية، ولا حتى بمواقف الدول التي طالبت بوقف العدوان وفتح المعابر، مؤكدًا أن "الأمور تزداد سوءًا بمعنى الكلمة، وقد وصلنا إلى مرحلة حرجة وحاسمة فيما يتعلق بحياة آلاف الأطفال".
وأضاف: "خلال الـ24 ساعة الماضية فقط، استُشهد 3 إلى 4 أطفال نتيجة سوء التغذية الشديد، وهناك مئات الحالات التي وصلت إلى المستشفيات من مختلف الأعمار، تعاني من إعياء شديد، بسبب عدم قدرتها على الحصول على وجبة واحدة في اليوم".
وأوضح أن "الكارثة لا تتوقف عند حدود الجوع، بل هناك قصف يومي مستمر، يسفر عن أكثر من 100 شهيد يوميًا، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى تدمير العائلات؛ إذ تم مسح 60% منها بالكامل".
وأشار إلى أن "93% من سكان قطاع غزة نزحوا إلى مناطق لا تتجاوز 15% من مساحة القطاع، يعيش فيها الآن أكثر من 43 ألف نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، من دون خيام أو بنى تحتية أو مياه أو خدمات أساسية".
وأضاف الشوا أن قطاع المياه في أسوأ حالاته، حيث دُمّرت 85% من البنية التحتية المائية، والباقي يقع في مناطق مدمرة أو يعمل جزئيًا بسبب نقص الوقود وقطع الغيار، ما اضطر الناس، وخاصة الأطفال، للاعتماد على مياه ملوثة، مما فاقم الأمراض والأوبئة.
وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، أكد الشوا أن "الاحتلال دمّر عشرات المستشفيات، وفرض إخلاءً قسريًا على أخرى، وقتل واعتقل أكثر من 350 من الطواقم الطبية، في ظل نفاد 70 إلى 80% من الأدوية والمستلزمات الطبية".
وأوضح أن "عدد المصابين كبير جدًا، وهناك ما بين 12 إلى 14 ألف حالة بحاجة إلى إخلاء طبي فوري، والوضع داخل المستشفيات ما تبقى منها مرير جدًا".
وأكد الشوا أن هناك "مساسًا خطيرًا بحياة المواطنين"، محذرًا من "خطر داهم يهدد آلاف الأطفال الذين قد يفقدون حياتهم في أية لحظة بسبب الجوع الشديد".
وكشف في حديثه: "تصلنا اتصالات ومشاهدات من عائلات في غزة لم تشرب منذ يومين سوى محلول الماء والملح حتى تبقى على قيد الحياة".
ورداً على سؤال "راية" حول إذا ما كانت الأزمة محصورة في مناطق جغرافية محددة، قال الشوا: "الأزمة شاملة وتشمل كل مناطق قطاع غزة، لا فرق بين شمال أو جنوب أو مدينة. حتى من يمتلك المال لا يجد ما يشتريه؛ فكيلو الدقيق وصل من 70 إلى 100 دولار، والعائلة تحتاج يوميًا على الأقل من 2 إلى 3 كيلو".
وعن الحديث عن شحنة مساعدات مرتقبة، أجاب الشوا: "نعم، هناك جهود واتصالات أجريناها مع كافة الجهات الدولية والأمم المتحدة، ونتوقع دخول بعض المساعدات خلال الساعات القادمة، لكن الكميات قليلة جدًا مقارنة بحجم الكارثة".
وشدد على ضرورة "وقف هذه الآلية الأميركية-الإسرائيلية التي تقتل شعبنا بالجوع"، مطالبًا بدعم منظومة الأمم المتحدة وشركائها من المؤسسات الأهلية الفلسطينية والدولية، التي تقدم خدمات في غزة منذ عقود.
وأوضح الشوا أن "المساعدات الغذائية الأساسية التي قد تدخل خلال الساعات المقبلة، ستوزع تحت إشراف مؤسسات الأمم المتحدة وبالشراكة مع مؤسسات فلسطينية، لكنها تظل شحيحة".
ووجه نداءً خاصًا لأهالي القطاع قائلاً: "نرجو من المواطنين عدم التجمهر في مناطق دخول الشاحنات، لضمان تأمينها ووصولها إلى مراكز التوزيع"، مضيفًا: "تم الاتفاق مع برنامج الغذاء العالمي على البدء فورًا بتوزيع الشحنات بمجرد دخولها، بما يضمن سلامة وكرامة المواطنين"