خاص| الداخل الفلسطيني ينزف.. الجريمة تتفشى، فمن المسؤول؟

2025-07-21 13:18:17

في ظل تصاعد الجريمة المنظمة داخل المجتمع الفلسطيني في أراضي الـ48، ووسط تقاعس الشرطة الإسرائيلية الواضح عن مواجهة عصابات الإجرام، تتصاعد الاتهامات للمؤسسة الحاكمة في إسرائيل بتغذية هذه الظاهرة كجزء من خطة سياسية تهدف لتفكيك المجتمع الفلسطيني وقطع صلته بهويته الوطنية.

وقال الناشط السياسي والاجتماعي من مدينة الناصرة، وهبة بدارنة، في حديث خاص لـ"رايـة"، إن المسؤولية عن تفشي الجريمة في الداخل الفلسطيني تقع بشكل واضح على المؤسسة الإسرائيلية، وتحديداً الشرطة، متهماً إياها ليس فقط بالإهمال، بل بتنفيذ خطة سياسية تهدف إلى إشغال المجتمع الفلسطيني بالعنف والجريمة، بدلاً من التمسك بقضاياه الوطنية.

وأضاف أن التحليلات السياسية، سواء من الداخل الفلسطيني أو حتى من بعض المحللين الإسرائيليين، تشير إلى أن الفلسطينيين في أراضي 48 يدفعون اليوم ثمناً باهظاً لسياسات وضعت بعد هبّتي أكتوبر 2000 ومايو 2021، والتي شكلت مؤشراً لإسرائيل بأن هذا المجتمع لا يزال متمسكاً بهويته وانتمائه الوطني، وهو ما دفعها إلى توجيه سياساتها لضرب هذا الانتماء عبر إشغاله بالجريمة والفقر والبطالة.

وأشار بدارنة إلى أن السلطات الإسرائيلية خلقت بيئة خصبة لعصابات الإجرام، من خلال التغاضي عنها بل ودعمها، مستشهداً بتصريح لضابط شرطة إسرائيلي في صحيفة "معاريف" قبل عامين، قال فيه: "نحن نعرف من يقتل، نعرف عصابات الإجرام، نعرف الأسلحة وأرقامها التسلسلية، ولكن أيدينا مكبّلة بسبب تعليمات من جهاز الشاباك تمنع تنفيذ الاعتقالات".

وأوضح أن إسرائيل تتعامل مع المجتمع العربي كـ"ساحة حرب"، في حين أنها قادرة، كما فعلت في تل أبيب ونتانيا، على القضاء على الجريمة متى أرادت. وتساءل: لماذا تلاحق الشرطة المواطنين الذين يقطفون العكوب والزعتر، بينما تغضّ الطرف عن المجرمين المعروفين لديها؟

وانتقد بشدة انخفاض نسبة فكّ ألغاز جرائم القتل في عام 2024، والتي لم تتجاوز 15% وفقاً للشرطة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الأرقام الحقيقية ربما أقل من ذلك، وأن الثقة بهذه المعطيات باتت معدومة، في ظل ارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 230 قتيل في العام الماضي.

وأضاف بدارنة أن إسرائيل تسلّم الفلسطينيين في الضفة للمستوطنين، وفي الداخل لعصابات الإجرام، مشدداً على أن هذا مخطط واضح تسعى من خلاله لضرب المجتمع الفلسطيني من الداخل، وإبعاده عن قضاياه الوطنية.

وتابع قائلاً إن "اللجنة القطرية للصلح والوفاق"، والتي شُكلت من مختلف الأحزاب والجمعيات، نجحت في تقليل العنف في بعض الحالات، لكنها وُوجهت بالقمع، وتم إغلاق مكاتبها واعتقال أفرادها، في دلالة واضحة على أن السلطات الإسرائيلية لا تريد لأي جهد فلسطيني أن ينجح في لجم العنف.

وأكد أن القمع في الداخل بات مرعباً، مشيراً إلى اعتقال أكثر من 500 شاب وفتاة على خلفية الحرب الأخيرة على غزة، ومنع أي تحرك جماهيري أو تظاهري، حتى في القضايا الاجتماعية.

وفيما يتعلق بالحلول، قال بدارنة إن المطلوب اليوم هو قيادة فلسطينية جريئة تضع استراتيجية للعصيان المدني السلمي، كما حدث في أيار 2021، حينما شلّت المدن العربية الحياة في إسرائيل لثلاثة أيام. وأوضح أن هذا النوع من التحرك بحاجة إلى بدائل اقتصادية تدعم صمود الناس، وضمانات للعمال والأطباء والمهنيين حتى يتمكنوا من المشاركة.