الطاقة الشمسية في غزة: نورٌ يُقاتل الظلام تحت القصف

2025-07-23 00:17:51

غزة - رغد إيهاب الغصين

في قلب العتمة التي فرضها عدوان لا يتوقف، تنهض غزة كعادتها من بين الركام، تبحث عن بصيص ضوء... لا ضوء هنا سوى ما تنثره الشمس، ولا صوت سوى أزيز الطائرات في سماء تغلي بالموت، فيما الحياة تُدار كأنها تحت الأرض أو في مدن باتت تشبه "مقابر الأحياء".

مع توقف محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع منذ نحو عامين، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المباشر ونفاد الوقود، أصبحت الطاقة الشمسية ليست خيارًا بيئيًا أو ترفًا تقنيًا، بل وسيلة بقاء، وأملًا أخيرًا في مواجهة الإبادة والتعتيم.

أغلى من الذهب 

في أحد أزقة معسكر الشاطئ، تتدلى أسلاك الكهرباء المقطوعة من أعمدة منهارة، وعلى سطح منزل شبه مدمر، يلمع لوح شمسي مائل، مشروخ الحواف، كأنه جريح الحرب. لكنّه، رغم كل شيء، ما زال يُضيء بيت الحاجة أم محمد مقداد التي تقول: "هاللوح الصغير صار أغلى من الذهب... يُسرق، يُباع، ويُحمى كالسلاح".

في غزة، تحول كل لوح شمسي إلى "شريان حياة". فهو لا يعني النور فحسب، بل القدرة على شحن بطارية هاتف، تشغيل مروحة، تبريد دواء، أو إنارة ركن صغير في خيمة أو منزل.

ضوء لا يكفي للحياة

تقول آمنة أبو مطر، وهي أم لخمسة أطفال: "الطاقة الشمسية أنقذتنا، لكن هذا ليس حياة... هو إنعاش مؤقت في غرفة انتظار طويلة للمجهول".

وتشير إلى الصعوبات اليومية في شحن الأجهزة الأساسية، حتى البطاريات الصغيرة صارت حلمًا ثقيلًا في زمن الظلام الطويل.

ورغم الأهمية الحيوية لأنظمة الطاقة الشمسية، لم تسلم بدورها من القصف المتعمد والتدمير، لتفقد الكثير من العائلات هذا المورد الثمين، أو تصبح غير قادرة على تحمّل تكلفته الباهظة، في وقت يعاني فيه الناس من الفقر والجوع والحصار.

ذهب الأمهات... لعل الشمس تُضيء

الطالبة أسيل، لاجئة تسكن في خيمة مؤقتة، روت كيف باعت والدتها خاتمًا ذهبيًا لتشتري لوحًا شمسيًا صغيرًا ساعدها على مذاكرة دروسها في الظلام، قائلة: "ما بدي أضيع السنة... بدي أكمل، حتى لو عالشمعة أو على لوح شمس صغير".

شمس غزة... لا تغيب

مع قرب دخول الحرب شهرها الثاني والعشرين، لا تزال غزة تولد من العدم، من السطوح المدمرة، من ألواح شمسية مائلة بالكاد تعمل، لكنها تعمل... تمامًا كما أهل غزة الذين يضيئون الأمل في قلب الظلمة.

هنا، لا تنطفئ الحياة رغم كل شيء. الشمس وحدها تُشعل بصيص نور، يقاوم القصف، الحصار، والانهيار. في غزة، حتى الضوء أصبح مقاومة.