انهيار المحادثات... وموقف الوسطاء... ودعوة ايهود باراك لعصيان مدني في إسرائيل

رأي مسار
هذه هي الصورة اليوم، عنوانها الأبرز انهيار محادثات الدوحة وإصرار الوسطاء العرب على أن لا انهيار، بل تعثر عادي بحكم تعقيدات الوضع، أمّا الوسيط الأمريكي فحذّر من بدائل تلتقي مع خطط نتنياهو التي بمقتضاها تتواصل الحرب وتتصاعد وتتسع.
ترمب على مألوف عادته ألقى اللوم على حماس، التي تفضّل أن تموت كما قال حرفياً، وحماس تدافع عن نفسها بإظهار مرونةٍ تقول إن الوسطاء يقدّرونها، ولكنها غير معترف بها من قبل ويتكوف، الذي تستغرب حماس موقفه الجديد الذي اتخذه لمجرد خدمة إسرائيل.
الصورة كما هي اليوم، تعكس تشاؤماً كان قد انطفأ ليحل محله تفاؤلٌ ألّفه الرئيس ترمب، صاحب العبارة المتكررة "غداً ستسمعون أخباراً طيبةً عن غزة".
إذاً نحن حيال انهيار فعلي، وليس مجرد تعثرٍ يمكن معالجته خلال أيامٍ أو أسابيع.
بين الانهيار والتعثر تتفاقم كارثة الموت والمجاعة، وفي هذه الحالة يكون عامل الزمن حتى لو قصر سبباً في مقتل المئات كل يوم بالنار أو الجوع أو انعدام العلاج.
الضحية الأولى وليست الأخيرة هم الأطفال من مختلف الأعمار، حتى الأجنة في البطون.
إسرائيل بقيادة نتنياهو تتحدث عن إمكانية تزويد الجوعى بالطعام من خلال الجو مع أن الجيش الإسرائيلي دفن حمولة الشاحنات المتكدسة على الحدود في باطن الأرض، ويتعمد إعاقة دخول الشاحنات براً مما يؤدي إلى تلف محتوياتها، وهذا يجعل من حكاية الجو مجرد بدعةٍ تظن إسرائيل أنها تحسّن صورتها أمام العالم.
ورغم توجهات حكومة إسرائيل الإجرامية نحو بديلٍ كارثيٍ عن انهيار محادثات الصفقة، بما في ذلك استكمال احتلال غزة وتقسيمها إلى مربعات صغيرة لعلها تسهّل على الجيش تحقيق ما يوصف بالنصر المطلق، رغم ذلك فهنالك عصفٌ مدمرٌ لهذه الحرب داخل إسرائيل وأبرز مؤشراته ذات الدلالة العميقة دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، الجمهور إلى احتلال الشوارع من جديد وتعطيل الحياة في الدولة بعصيانٍ مدنيٍ شامل، وهذا بعضٌ مما قاله لصحيفة هآرتس.
"إسرائيل تصبح منبوذةً في العالم، ومعظم الجمهور فقد الثقة بالحكومة ورئيسها، ويحظر التنازل عن إسقاطها، إن العمل الوحيد الذي ما زال بإمكانه انقاذ إسرائيل هو عصيانٌ مدنيٌ غير عنيف، وفي مركزه تعطيلٌ شاملٌ للدولة إلى حين تغيير الحكومة أو استقالة رئيسها، وفقط عندما تكون إسرائيل كلها معطلة ستلغى الإجازات وسترضخ الحكومة وتخلي مكانها لأخرى أفضل منها".
العصيان وكما يقول باراك "ينبغي أن يشمل قادة الدولة ورئيسها وقادة المعارضة والهستدروت والهاي تيك والمشغّلين وقادة الأكاديميا، والقضاء ورؤساء جهاز التعليم وجهاز الصحة والكيبوتسات"، ويقول باراك كذلك، "أمّا إذا فشلنا لا قدّر الله فسوف يخيم على إسرائيل ظلامٌ يهدد هويتها وأمنها ووجودها".
هذه هي الصورة من الدوحة وواشنطن ومن داخل إسرائيل، وهي صورةٌ ذات أبعادٍ أكبر وأعمق من الجدل حول ما جرى.. هل هو انهيارٌ أم مجرد تعثّر.