القائد و"الاخوان المسلمين" و"حماس"!

2025-07-26 18:04:47

1-التقى حسن البنا مع الملك عبدالعزيز بالحج فطلب منه أن يتم افتتاح فرع لجماعة الاخوان المسلمين بالسعوديةـ فأجاب الملك بسؤال قائلًا للبنا: ألسنا مسلمين جميعا؟ فقال البنا: نعم، ثم أكمل الملك: ألسنا إخوانًا فقال البنا: نعم، وانتهى الحوار.
2-سيد قطب الذي ذهب لأمريكا كبعثة زمن عبدالناصر، وعانى هناك من التمييز العنصري فتأثر كثيرًا (كان أسمر اللون، فمورست العنصرية ضده كما الحال مع كل أصحاب البشرة السمراء والسوداء آنذاك) ما أدى الى أنه قلب الفكر الاخواني الواقعي في بداياته أو في أجزاء منه الى فكر مناهض للغرب وللأمة الاسلامية نفسها حيث التجهيل للشعب (فكرة الجاهلية) وفكرة (العزلة المكانية والشعورية) والحكم بالردة للمخالف ونبذه. وإجازة القتل خاصة حين التمكين! مما فهمته التنظيمات المتطرفة وتيارات "الاخوان" الرسمية أيضًا، عوضًا عن تغلب هذا التيار على قلب "الاخوان المسلمين".
3-د.عدنان مسودة في كتاب عن سيرة حياته (ذكريات الدكتور عدنان مسودي عن الإخوان المسلمين في الضفة الغربية) يذكر أنه حين درس في الشام بالثمانينيات من القرن العشرين تغير منهج التعبئة داخل الحزب "الاخوان" فكان متشددًا في سوريا لدرجة لم يألفها في الخليل-فلسطين، وذكر أنه كان يخرج الى الشارع بعد الجلسة التنظيمية "الاخوانية" ليرى بكل فرد بالمجتمع السوري آنذاك كافرًا وعدوًا له! وذلك من شدة تأثير التعبئة الداخلية التحريضية، ولما عاد للخليل وشرح لهم المنهج الجديد شُدِهوا ولم يعرفوا ماذا يفعلون!
4-د.عماد الفالوجي في كتابه (درب الأشواك) يذكر أن التعبئة الاخوانية الداخلية –وهو كان عضو مكتب سياسي في فصيل "حماس"-كانت تميز بين العداء "للشعبية" والعداء ل"فتح"، ف"الشعبية" كفار معروفين، أما "فتح" فهم الدهاة المنافقون (وكما نعلم فإن المنافقين أشد من الكفار، فهم بالدرك الأسفل من النار)!؟
5-القتال بلا قيم وأخلاق يصبح قطع طريق والقتال بدون هدف سياسي يسعى للحفاظ على الذات. لذلك كان شعار المقاومة الفلسطينية هو "البندقية غير المسيسة قاطعة طريق" أي وجود الهدف والقيمة المحققة للشعب والوطن، وبمعنى آخر أن تقدير المفاسد والمنافع وفق المصطلح الفقهي الإسلامي "درء المفاسد أولى من جلب المصالح،" يجب أخذه بالاعتبار بعد النقد الذاتي والمراجعة، وإلا فإن الأمر يسير باتجاه التطرف الداخلي افتراضًا لتقديس الفكرة والأشخاص، بل والوسيلة المتغيرة لما هو مصلحة الناس. (وهنا يمكن النظر لطريقة تفكير "الاخوان المسلمين" في غزة حيث شدة المفسدة الحالية بتواصل القتال على غير هدى الا حفظًا لبقاء رأس الفصيل! وفي ظل قلة العتاد وانتفاء الدعم، وسقوط أهداف المباغتة كليًا، وبتواصل شلال الدم الفلسطيني واحد مقابل ألف فلسطيني أو أكثر).
6-أحد مسؤولي "الاخوان المسلمين" بالكويت (اسماعيل الشطي) فترة حكم مرسي في مصر أصدر كتابًا عن الدولة الاسلامية وفي مقابلة عن الموضوع ولماذا بهذا التوقيت خرج من "الحزب/الجماعة" قال أنني طرحت رأيي عن الدولة الاسلامية، فقالوا لي بالجماعة يعني أنت تريد أن تفكر، قال نعم، فردوا إذن أخرج، قال فخرجت. وأنظر لماذا خرج المفكر الكبير خالد الحسن من "حزب التحرير" أيضًا على منطق حرية التفكير، والكثير امثالهم في مصر من المفكرين.
7-يقول "ماوتسي تونغ" في تعاليمه مما استفادته الثورة والمقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها عام 1965 أن ضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار وقم بخدمته! وأشار لقيم مثل: أرجع كل ما استعرته، ادفع تعويضاً عن أي ضرر تسببت به. لا تضرب أو تسبّ الآخرين. ومن القواعد 21 ل"هوشي منه" نقرأ (لا تهدد الشعب ولا تشتمهم ولاتضربهم) ونقرأ (عليك أن تحمي أرواح وممتلكات الناس)! ماذا نرى في نكبتنا الثانية اليوم 2023- 2025م!
8-إن لم يتحلى القائد بفضيلة الاعتراف، والاعتذار والنقد الذاتي والمراجعة والتكفير عن الخطأ وخاصة متى ما أصبح خطيئة، بالمفاسد الأشد وطأة بكثير جدًا من المنافع ما هو متعلق بحياة الناس فهو قائد فاشل. والقائد الذي يضع مصلحة فصيله على حساب الوطن أو الدولة فهو قائد زائل، والقائد الذي لا يحترم شعبه،وأهله، وبه وعلى جسده يترقى فهو انتهازي ومجرم، والقائد الذي يبيح أن تضحي الناس من أجله في قلب للمعادلة عجيب غريب!؟ ولتواصل هيمنته كحزب أو فصيل دون ذرة إشارة للإطار الوطني العام فهو الى نهايته أقرب.
9-كان الخوارج من المجتهدين بالعبادة، وكانوا حُفاظ القرآن المشهورين ولكنهم الأكثر إساءة في فهمه وتطبيقه ورفعوا السلاح ضد الخليفة علي بن أبي طالب فقاتلهم رغم حفظهم للقرآن! (ملحوظة: حتى عبد الرحمن بن ملجم، قاتل الخليفة علي بن أبي طالب، كان يحفظ القرآن)
10-الفكرة الرئيسة هنا أن الأولوية والقيمة الأساسية يجب لا تنبع مما يقوله الفصيل، أو ما يقوله قادة الفصيل خاصة الاسلاموي، لأن الهوى والنزق والكِبْر الحاصل حين يمتلك الشخص القيادة الزمنية والقيادة الدينية (المقدسة) لا يستطيع أحد أن يكلمه فتُفقد الحرية مطلقًا، ويصبح العقل المخالف واجب القتل، ويفعل القادة الربانيون ما يشاؤون! وكما يريدون فيحللون ويحرمون ويقتلون بلا رحمة! فالحصانة قد تمّت لأفكارهم والعواطف قد جُيّشت لاعتبارهم مقدسين لا يخطئون، بل وهم اقتنعوا بذلك!
إن القائد قصير النظر هو الذي لايرى المتغيرات حوله فيظل متمسكًا بما سقط وانتهى، فتغشى عينيه سحابة سوداء ملفوفة بالكِبْر والخوف والدفاع عن الموقع والذات المتضخمة، تمنعه من الفهم والنظر الصحيح، ومن اتخاذ القرار الوطني الصحيح بالتوقيت الصحيح. وإذ أنه لا رؤية لديه حول المستجدات الداهمة، فإنه يضيع ويضيّع شعبه معه.