خاص| أسرى غزة بين التعذيب والإخفاء القسري.. شهادات تكشف فصول الرعب
تكشف شهادات ومتابعات حقوقية مستمرة عن حجم الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، خاصة من قطاع غزة، في سجون ومعسكرات الاحتلال منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير. وفي ظل استمرار سياسة الإخفاء القسري، يتزايد عدد الشهداء داخل المعتقلات، دون توثيق دقيق أو رواية واضحة عن ظروف استشهادهم، وسط تكتّم متعمد من سلطات الاحتلال.
في هذا السياق، قالت أماني سراحنة، مديرة الإعلام والتوثيق في نادي الأسير الفلسطيني، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن الأسير الشهيد صايل أبو نصر من غزة تم الإعلان عن استشهاده بناءً على رد رسمي من جيش الاحتلال، ضمن آلية فحص معتادة يُستخدم فيها المحامون للاستعلام عن مصير الأسرى، في ظل تغييب أي معلومات من جانب الاحتلال.
قالت سراحنة إن ما جرى مع الشهيد صايل أبو نصر، يشبه ما حدث مع العديد من الأسرى من قطاع غزة، حيث تم الاستعلام عن مصيره، وتلقى المحامون ردًا من جيش الاحتلال يفيد باستشهاده بتاريخ محدد. وأضافت أن الغالبية العظمى من الشهداء الأسرى من غزة يُعلن عن استشهادهم بعد فترة من تاريخ الوفاة الفعلي، وليس في ذات اليوم.
وأكدت أن ظروف استشهاد أبو نصر ما تزال غير واضحة، كما هو الحال مع عشرات الأسرى من غزة، لكن استنادًا إلى شهادات مئات المعتقلين الذين تمت زيارتهم أو تلقى النادي إفادات منهم بعد الإفراج، فإن التعذيب والتجويع والظروف المذلة والمهينة، بالإضافة إلى جرائم الاغتصاب، هي الأسباب المباشرة في استشهاد العشرات.
وأوضحت أن الشهيد أبو نصر استشهد بعد استشهاد عدد من أفراد عائلته، بمن فيهم زوجته، خلال العدوان، مشيرة إلى أن الإعلان عن استشهاده جاء بعد وصول معلومة رسمية من الاحتلال عبر آلية الفحص، حيث تم التواصل مع أحد أقاربه لإبلاغ العائلة.
وحول آلية معرفة استشهاد الأسرى، قالت سراحنة: "نحن لا نتلقى أي بلاغ رسمي من الاحتلال، بل نقوم بمراسلات عبر المحامين لطلب معلومات عن معتقلين محددين، فيأتينا الرد بأنهم إما محتجزون، أو لا توجد معلومات عنهم، أو أنهم قد استشهدوا".
وأضافت: "واجهنا تحديات كثيرة، مثل تلقي ردود متضاربة حول نفس المعتقل، فمثلًا في البداية يقال إنه غير محتجز، وبعد أشهر يُبلغوننا أنه تم الإفراج عنه، دون أن يكون ذلك صحيحًا، ثم نتوجه لاحقًا إلى المحكمة العليا للاحتلال ليتم تأكيد استشهاده".
وشددت على أن الاحتلال يواصل ارتكاب جريمة الإخفاء القسري بحق العشرات من أسرى غزة، ما يجعل العدد المعلن للشهداء غير نهائي، مضيفة أن المرحلة الحالية هي "الأكثر دموية" في تاريخ الحركة الأسيرة.
وقالت: "نحن مقتنعون أن هناك المزيد من الشهداء بين صفوف الأسرى قادمون للأسف، وما نخشاه هو أن الزمن يتحول إلى عامل حاسم في مصير آلاف المعتقلين، خاصة المرضى والجرحى".
وأشارت إلى أن جميع الأسرى، بمن فيهم من كانوا معافين قبل الاعتقال، يعانون اليوم من أمراض وأعراض نتيجة التعذيب والإذلال وسوء التغذية، إلى جانب انتشار أمراض جلدية مثل الجرب، في ظل انعدام الرعاية الطبية.