المصري لراية: مرسوم الانتخابات بدون توافق يُقصي الآخر ويفتح باب الانقسام

2025-08-03 13:04:53

في ضوء النقاش المتصاعد حول مرسوم الانتخابات الفلسطينية وتصريحات القيادة، حذّر مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات، هاني المصري، من خطورة اشتراط التوافق على برنامج منظمة التحرير كشرط للترشح، واعتبر أن ذلك يحوّل الانتخابات من حالة ديمقراطية إلى عملية إقصائية تُكرّس اللون الواحد وتفتح بابًا لمزيد من الانقسام وربما الفوضى.

قال هاني المصري، مدير مركز مسارات، في حديث خاص لــ"رايــة"، إن التصريحات الأخيرة تُعد استكمالًا لما ورد في المرسوم، الذي صدر بشكل انفرادي دون تشاور وطني أو توافق، ودون بحث حتى في الأطر المؤسساتية الفلسطينية.

وأضاف أن هناك بندًا بالغ الخطورة في المرسوم والتصريحات المصاحبة، يشترط على كل من يرغب بالمشاركة في الانتخابات أن يوافق على برنامج والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدًا أن الانتخابات بطبيعتها تقوم على التنافس بين برامج متعددة، وإذا طُلب من الجميع الالتزام ببرنامج واحد، فإننا لا نتحدث عن انتخابات حقيقية بل عن مشاركة بلون واحد وإقصاء للآخرين.

وأوضح المصري أن هذه الخطوة، إن طُبقت، ستكون جسرًا لمزيد من التشرذم والانقسام، وقد تؤدي إلى الفوضى وحتى الاقتتال الداخلي، مشددًا على أن الاستجابة للشروط الخارجية دون أي ضمانات حقيقية مجرد وهم، لأن الحديث عن دولة فلسطينية، رغم أهميته، ما زال دون أي آليات تنفيذ أو إجراءات تفرض على إسرائيل الالتزام بذلك.

وتساءل المصري: "كيف نُطالب الفلسطينيين بالتخلي عن السلاح والمقاومة في الوقت الذي تتشكل فيه أسوأ حكومة إسرائيلية تدعو لضم الضفة وغزة وتُعيد الاستيطان وتعمل على التهجير؟".

وأضاف: "نطلب من الفصائل أن توافق على التزامات اتفاقات قتلتها إسرائيل، ليس فقط بانتهاكها بل بإلغائها عمليًا، وهذا الطرح لا معنى له ويضعف القيادة الفلسطينية أمام نفسها وأمام شعبها والعالم".

وأكد المصري أن القيادة الفلسطينية مطالبة بمراجعة هذه الخطوات قبل الوصول إلى نقطة انهيار أعمق.

وفي السياق ذاته، أشار المصري إلى أن هناك مجموعة من الشروط والضغوط تُمارس على القيادة الفلسطينية من أطراف دولية متعددة، مشيرًا إلى أن بعض الدول تسعى لإعفاء نفسها من المسؤولية عن الإبادة الجارية في غزة، لكنها في الوقت نفسه لا ترغب بإغضاب الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وتابع: "يريدون من الفلسطينيين تقديم تنازلات كشرط للاعتراف، منها نزع سلاح المقاومة وإبعاد حماس ودمج إسرائيل في المنطقة، مقابل اعتراف أوروبي هش بدولة فلسطينية، فماذا سنُعطي بالمقابل عند اعتراف واشنطن؟"، مشددًا على أن هذه التنازلات مطلوبة دون أن يتغير الموقف الغربي بشكل جوهري.

وأوضح أن التحول في الخطاب الأوروبي ناتج عن الغضب الشعبي العربي والغربي، وليس تغييرًا حقيقيًا في مواقف الحكومات، مؤكدًا أن التغيير الحقيقي سيكون عندما تُفرض عقوبات على إسرائيل ويتم عزلها دوليًا.

وتساءل المصري: "هل سنقدّم تنازلاتنا مقابل اعتراف بريطاني أو فرنسي لم يتحقق حتى الآن؟"، مشيرًا إلى أن الضغوط تشمل تعديل المناهج والمسّ بالهوية الوطنية والإعلام، وهو أمر غير مقبول.

وشدّد المصري على أن "الدولة الفلسطينية ليست منحة تُعطى مقابل شروط، بل حقّ قائم على مبدأ تقرير المصير وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة"، داعيًا إلى عدم تكرار تجربة أوسلو، التي تخلّت فيها القيادة الفلسطينية عن قضايا محورية مقابل اعتراف شكلي من إسرائيل.

وقال: "في أوسلو، حصلت إسرائيل على ما أرادت، بينما حصل الفلسطينيون على حكم ذاتي مُقيّد، خرقت إسرائيل صلاحياته منذ البداية، ثم تجاوزته بالكامل"، مضيفًا: "من لا يتعلم من تجاربه لا يمكنه التقدّم، وبدون أوراق قوة ووحدة ورؤية واضحة لا يمكن تحقيق أي هدف، فالتنازلات تفتح شهية الاحتلال للمزيد".