من الذي وقع في فخ الشرق الأوسط الجديد

2025-08-08 00:30:08

كما هو معروف فإن المنطقة غارقة في بحر من الدماء ودوامة من العنف وذلك ضمن مخطط وليس صدفة، إسرائيل جزء أساسي في هذا المخطط وذلك لضمان مصالحها، إن دمارا للمنطقة يعني ازدهار اسرائيل، وحرب العالم على الارهاب تعطي اسرائيل الغطاء لتطهير الشعب الفلسطيني خاصه جيل الشباب من أي بذرة مقاومة دون ان يحاسبها أحد، فأطفال فلسطين اليوم هم الارهابيين وجنود الاحتلال هم من يحارب الارهاب ويمارسون حق الدفاع عن النفس.

إن تحليل معمق لما حصل في السابع من أكتوبر يؤدي الى نتيجة مفادها أن أحد الطرفين وقع في الفخ او كليهما (إسرائيل وحماس). إذ لا يعقل أن بضعة عشرات من مقاتلي حماس استطاعوا في فترة وجيزة اجتياح واحدة من أكثر مناطق العالم تحصينا سواء بالجيش والعتاد ام بالتكنولوجيا بما فيها الأقمار الصناعية ومراكز التجسس مثل اوريم ومقر الوحدة 8200.

من خلال نظرة متفحصة نخلص الى أحد ثلاثة خيارات: إمّا ان تكون حماس قد ضللت إسرائيل بأنها لا تريد ان تحارب، وإمّا ان إسرائيل فتحت الطريق أمام هذا الهجوم لتبرير ما ستقوم به لاحقا من تجسيد لمشروع نافو والقاضي بتهجير الفلسطينيين الى سيناء، أمّا الخيار الثالث ان هناك تقاطع مصالح بين الطرفين الخاسر فيها الشعب الفلسطيني فقد دفع ثمن هذه احد هذه الخيارات او كلها مجتمعة أكثر من مئة الف شهيد و مئتي الف جريح إضافة الى تحويل القطاع الى مناطق غير قابلة للعيش مما قد يؤدي الى هجرة جماعية عندما ينتهي العدوان في ذلك تجسيد للمشروع المشار اليه عبر هجرة ظاهرها طوعي لكنها تهجير يندرج ضمن جرائم الحرب.

في الماضي كانت اسرائيل وبذريعة الحفاظ على أمنها تقوم بضربات استباقيه لمنع أي تقدم في دول الجوار كما حصل في العراق سنة 81 من ضرب مفاعل تموز النووي وبعدها ضرب حمام الشط في تونس ومن ثم ضرب السودان وعشرات المرات ضرب سوريا بل أبعد من ذلك كانت ضربت البنية التحتية في إيران قبل شهرين من الان خاصة تلك المتعلقة بالبرنامج النووي وعندما عجزت استنجدت بحليفتها الولايات المتحدة والتي عجزت هي الأخرى مما دفعها لوقف إطلاق نار لا أحد يعرف تفاصيله إلّا من وقع عليه.

في أغلب الأحيان كانت ردود الدول المعتدى عليها بأنها لن تنجر الى الرد إلّا بما يتناسب مع ظروفها فعلى حد تعبيرهم كانوا بحاجة إلى إيجاد توازن استراتيجي مع العدو كما انهم هم من يحدد كيف ومتى وأين يردّون، ومن أجل تحقيق هذا التوازن أنفقت هذه الدول مقدّرات شعوبها ولم تصل بعد، فبعد احتلال العراق وأفغانستان وتدمير ليبيا واليمن وأمام العجز عن إخضاع سوريا من الخارج وظفوا الإسلام السياسي ليفي بالغرض وصرفوا مئات مليارات الدولارات أنفقت على حرب أهلية أدّت الى ملايين المشردين وأكثر من مليون قتيل.

أخيرا نجحوا في إسقاط النظام العلوي واستبداله بنظام سني وأثناء المرحلة الانتقالية دمّرت إسرائيل كل مقدّرات الجيش السوري، بعد أن كانت قد أنهت الوجود الإيراني في سوريا إضافة الى تقليم أظافر المحور خاصة في لبنان مما سيسهل الطريق أمام كل الطامعين في تقسيم سوريا، فتركيا التي كانت تطالب بممرات آمنه ومناطق حظر جوي ومناطق عازلة في شمال سوريا على الحدود معها وكانت تريد الشمال وجبل الاكراد والرقة خارج المعادلة.

إنجاز الشرق الأوسط الجديد يقتضي إنهاء جيوش المنطقة فبعد إخراج جيوش كل من العراق واليمن وليبيا من المعادلة، يجري العمل على إخراج الجيش المصري بعد أن خرج الجيش السوري ظاهريا على يد مئات الالاف من المرتزقة المدربين والمسلحين والممولين والمحميين الذين يدخلون سوريا عبر الحدود التركية بكامل عتادهم وأسلحتهم يضاف إليهم تفرعاتهم في شبه جزيرة سيناء على أمل إنهاء الجيش المصري.

عودة على الموضوع الفلسطيني وقبل السابع من أكتوبر بكثير طرحت تركيا مشروع لإدارة قطاع غزة ضمن اتفاق مع إسرائيل، والحقيقة أنّ تركيا لو كانت تريد فعلا الإسهام في حل القضية الفلسطينية لكانت طالبت بإنهاء الاحتلال والسماع للدولة الفلسطينية بحكم كل اراضيها بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، لأن طرح إدارة القطاع من أي جهة غير فلسطينية حتى وإن كانت تركيا ستؤدي حتما الى تعميق الانقسام.

إنّ السابع من أكتوبر بغض النظر أي من الاحتمالات التي طرحت في سياق هذا المقال فإنّ فكرة إحياء الامبراطوريات بما فيها العثمانية والقيصرية ستشكل أهم الذرائع لإنشاء امبراطورية يهودية عندها سنكون كلنا قد وقعنا في الفخ إلّا أنّ الثمن لا يدفعه أحد غير الشعوب العربية وفي المقدمة الشعب الفلسطيني.

من أجل التخلّص من هذا الفخ وغيره من المصائد لا بد من العمل على إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية لتشكل حجر الزاوية في صرح الوحدة العربية، فإنّ كسر الوحدة عصي على من يتربص أمّا ان كنا فرادى فلن يحتاج من يتربص بنا جهدا لكسرنا واحدا واحدا او أن يجعلنا يكسر أحدنا الآخر.

في الختام بالتأكيد هناك طرق لتجاوز المصائد دون الوقوع فيها.