خاص| مجاعة غزة.. أطفال يدخلون "نفقًا مظلمًا" قد لا يخرجون منه حتى لو توفر الغذاء
حذر أحمد الفرا، مدير مستشفى الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، من التداعيات الخطيرة لاستمرار سياسة التجويع الممنهجة التي يمارسها الاحتلال ضد سكان قطاع غزة، مؤكداً أن المجاعة تحولت إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، تطال مئات آلاف الأطفال بشكل خاص، وتهدد حياتهم ومستقبلهم.
أكد د. الفرا في حديث خاص لـ"رايــة" أن الأمم المتحدة تأخرت في إعلان حالة المجاعة في القطاع، رغم أن التحذيرات بدأت منذ شهر إبريل/نيسان الماضي، مشيراً إلى أن "المجاعة ليست مرضاً عابراً ينتهي بتوفر الغذاء، بل هي نفق مظلم قد لا يخرج منه الطفل أبداً، وقد تنتهي بوفاته".
وأوضح أن استمرار المجاعة أكثر من أربعة أسابيع يترك آثاراً مزمنة على الأطفال، لا تزول حتى لو توفر الغذاء لاحقاً، حيث تتأثر الهرمونات الجنسية وقد يؤدي ذلك إلى العقم أو العجز عن الإنجاب، كما تتضرر هرمونات الغدة الدرقية وهرمون النمو، ما يسبب قصر قامة دائم.
وأضاف أن الجهاز العصبي المركزي يتعرض لتلف، يؤثر على الإدراك والفهم والقدرة على التعلم والتفاعل مع المحيط، ويؤدي إلى اكتئاب شديد ومشكلات عقلية ونفسية طويلة الأمد.
وحول المساعدات التي يزعم الاحتلال إدخالها، قال د. الفرا: "غزة تحتاج من 500 إلى 600 شاحنة يومياً، بينما ما يدخل لا يتجاوز 60 شاحنة في أحسن الأحوال"، مشيراً إلى أن هذه الكميات الضئيلة لا تصل غالباً لمستحقيها، وأن إدارتها خارج الأطر الدولية المعروفة مثل الأونروا واليونيسف والأوتشا يزيد من تفاقم الأزمة.
وكشف الفرا أن الأرقام الميدانية صادمة، قائلاً: "نتحدث عن نحو 600 ألف طفل في قطاع غزة دون العاشرة، نصفهم تقريباً في المنطقة الجنوبية. من بين كل أربعة أطفال هناك طفل مصاب بالمجاعة، أي ما يقارب 65 – 70 ألف طفل في خطر المجاعة الشديدة".
ولفت إلى أن إحدى العيادات الخارجية سجلت قبل أيام 120 حالة سوء تغذية في يوم واحد، وهو رقم غير مسبوق يعادل عشرة أضعاف المعدلات السابقة.
وأكد الفرا أن الحل الجذري للأزمة هو وقف الحرب فوراً والسماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر المنظمات الدولية، مضيفاً أن "المجاعة هي انهيار إنساني شامل، انهيار للمبادئ والقيم، وانهيار للإنسان نفسه أمام وجع المعدة والقلب، حيث يشاهد الأب والأم طفلهم يفارق الحياة دون أن يقدما له شيئاً".
وختم الفرا قائلاً: "منظر أكياس الطحين التي تحمل على الأكتاف ليس حلاً للمجاعة. المطلوب إدخال غذاء متكامل يغطي جميع احتياجات الأطفال والنساء والمرضى، بواقع لا يقل عن 600 شاحنة يومياً".