خمس سنواتٍ على الموجة الثانية من التطبيع

2025-08-24 12:26:21

اتفق العرب أي نظمهم الرسمية على أن التطبيع مع إسرائيل هو شأنٌ من شؤون السيادة، أي من حق أي دولةٍ عربية اتخاذ قرارٍ بالتطبيع حتى لو كان مخالفاً للضوابط التي وضعتها مبادرة السلام العربية التي ربطت التطبيع بقيام الدولة الفلسطينية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يعتبر أن مسار أبراهام الذي اقترن باسمه، هو إنجازه الشرق أوسطي الذي يتباهى به مع أنه بدد هذا الإنجاز بتبنيه حرب الإبادة على غزة، وإعلانه الشراكة مع نتنياهو في كل ما يجري عليها، بما في ذلك المجاعة التي شارك إسرائيل في نفيها مخالفاً بذلك إجماع العالم ومؤسساته المختصة على وجودها وتزايد ضحاياها.

مسار أبراهام التطبيعي تحمّست له إسرائيل تقديراً منها بأن التطبيع مع الدول العربية والإسلامية، وبهمّة أمريكا، سوف يحاصر الفلسطينيين وسوف يكون مجانياً وبلا أي مقابلٍ سياسي، وحين تبيّن لها استحالة المجانية، وأعلنت السعودية شروطها بقيام الدولة الفلسطينية، لم يعد مسار أبراهام من أولويات السياسة الإسرائيلية، وحتى الرئيس ترمب صار مقلاً من الحديث عنه كإنجاز يجدر التباهي به.

بديهيةٌ غابت عن الإسرائيليين والأمريكيين، هي أن التطبيع حتى لو تم لظروف خاصة بالدول المطبعة أو لتقديراتٍ معينة لجدواه، فإنه حين يقتصر على الرسميين فقط، فلا جدوى منه، ولننظر بتقويمٍ موضوعي للتطبيع المصري والأردني القديم، لنرى أن الاتفاقيات صمدت بالفعل ولكنها ظلت عاريةً عن عمقٍ شعبيٍ يعطي للتطبيع حمايته واستمراريته، فلا العلاقة الإسرائيلية مع مصر طبيعية، ولا هي كذلك مع الأردن، ولن تكون في حالٍ أفضل مع دول الموجة الثانية من التطبيع.

بعد خمس سنوات على التطبيع المستجد مع إسرائيل، تجدر قراءة الواقع بحقائقه الملوسة والتدقيق في المفهوم الإسرائيلي للتطبيع، فهو ومن خلال الوقائع وليس التقديرات أو الشبهات، يقوم على أساس فرض سيطرةٍ إسرائيلية، على الكيانات العربية المتفرقة، بما يوفر لإسرائيل المكانة التي تسعى إليها بل وتعلنها كدولةٍ قائدةٍ في المنطقة وليس متعايشة مع دولها وشعوبها.

وإذا ما أردنا التحقق من ذلك، فلنسأل الدول التي طبّعت قديماً وحديثاً كيف ترى إسرائيل وأجنداتها ومغزى سياساتها بعد عقود على التطبيع القديم وخمس سنوات على المستجد.