إعلان نيويورك والإبادة الجماعية الحاصلة في غزة

بينما رحب العالم بإعلان نيويورك لدعم قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الغاشم للأراضي الفلسطينية باتت حكومة الاحتلال تسابق الزمن في تنفيذ مخطط إبادة الشعب الفلسطيني والسعي لتهجيره قسريا عن ارض وطنه وتنفيذ مخطط الإبادة الجماعية في أبشع صور تهز الإنسانية جمعاء، حيث صوتت 142 دولة لصالح القرار، مقابل معارضة 10 دول، وامتناع 12 دولة وجاء التصويت الكبير ذي دلالة كبيرة وفي توقيت هام لأنه يعطي مصداقية ووزنا دوليا أكبر لإعلان نيويورك، الذي تم تبنيه في يوليو الماضي برعاية سعودية - فرنسية ويعكس قوة الرأي العام الدولي المؤيد لتجسيد الدولة الفلسطينية، كما يمهد للمؤتمر الذي سيعقد في 22 من الشهر الجاري حول تنفيذ حل الدولتين، ويعد خطوة كبيرة ومحطة مهمة على طريق العمل الدبلوماسي من أجل تجسيد الدولة الفلسطينية .
حصول القرار على تأييد 142 دولة هو دليل دامغ على التأييد الدولي واسع النطاق للحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط 4 حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتعد نتيجة التصويت بمثابة إجماعا دوليا واضحا على دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ويمثل القرار عزلة متزايدة للاحتلال وإدانة عالمية لسياساته القائمة على العدوان والاستيطان والتمييز العنصري والمواقف المتطرفة .
القرار يجسد الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي في دعم رؤية حل الدولتين كخيار إستراتيجي وحيد لتحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ونقدر وفي هذا المجال دور المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية في رعاية مؤتمر التسوية السلمية الذي أفضى إلى اعتماد إعلان نيويورك ومرفقاته باعتبارها أساسا لتنفيذ حل الدولتين، ونطالب في الوقت نفسه المجتمع الدولي بترجمة هذا القرار الى خطوات عملية وملزمة تضع حدا لاستمرار الاحتلال ووقف العدوان ورفع الحصار عن شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في قطاع غزة، وأهمية ضمان حرية الشعب الفلسطيني واستقلاله وحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
وفي ظل ذلك كله تتعرض مدينة غزة لعملية قتل شامل واستهداف ممنهج للبشر والمنازل والأبراج، حيث تقصف المباني فوق رؤوس ساكنيها في صورة لم يعرفها العالم من قبل مما أدى إلى إبادة عائلات بأكملها في الأيام الاخيرة، في مشهد يعكس جريمة إبادة جماعية متواصلة، ويواجه سكان غزة المنهكين من الفقر والحصار موتا محققا في ظل صمت دولي مهين للقيم الإنسانية، ومعايير مزدوجة قائمة على اللون والعرق بينما تعاني مؤسسات الأمم المتحدة من شلل تام ولم تنفذ ما نصت عليه الاتفاقيات والمعاهدات لحماية شعب يتعرض للتطهير العرقي وحصار التجويع منذ ما يقارب العامين .
استهداف الاحتلال مبنى تلفزيون فلسطين وتدميره بالكامل يندرج في إطار محاولات طمس الحقيقة وإسكات الصوت الفلسطيني الحر، ويشكل اعتداء خطير على حرية الرأي والتعبير وانتهاك صارخ للقانون الدولي الذي يحمي المؤسسات الإعلامية حيث يتم إهانته يوميا على مرأى ومسمع العالم، ما شجع حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة على التمادي في جرائمها وارتكاب المجازر في خرق فاضح لكل القيم والشرائع ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويجب على مجلس الأمن والأمم المتحدة، التدخل الفوري لوقف هذه الجرائم، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وخاصة في غزة وإنقاذ مئات الآلاف من خطر الإبادة والتطهير العرقي .