معًا من أجل فلسطين: لندن تحتضن أمسية عالمية دعماً لأطفال غزة

2025-09-15 17:34:20

في مشهد ثقافي وإنساني غير مسبوق، تستضيف العاصمة البريطانية لندن مساء السابع عشر من أيلول فعالية "معاً من أجل فلسطين"، والتي تُعد من بين أبرز الفعاليات العالمية تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وبالأخص أطفال قطاع غزة. بمشاركة أكثر من عشرة آلاف شخص وفنانين مرموقين وشخصيات عامة، يوجّه الحدث رسالة تضامن قوية مفادها: أطفال غزة ليسوا وحدهم.

ويهدف هذا الحدث، الذي يتجاوز كونه مجرد عرض فني، إلى حشد الدعم الدولي تجاه الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، حيث سيُخصص ريعه لدعم عدد من المؤسسات الفلسطينية العاملة ميدانياً، من بينها مؤسسة التعاون، التي ستوجه جزءاً من التبرعات لصالح مبادرة نور – المبادرة الشاملة التي أطلقتها المؤسسة لتوفير الرعاية الشاملة وطويلة الأمد لأيتام العدوان على غزة.

تحتضن مبادرة نور نحو 20,000 طفل فقدوا والدهم أو كلا الوالدين خلال العدوان الأخير. وتوفر لهم التعليم والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي والاحتياجات الأساسية. ولا تقتصر المبادرة على التدخلات الطارئة، بل تسعى إلى بناء مستقبل كريم ومستدام لهؤلاء الأطفال.

وأكد الدكتور نبيل هاني القدومي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعاون، قائلاً:" هذه الليلة ليست مجرد حفل موسيقي، بل صرخة إنسانية من قلب لندن تصل إلى غزة. إنها تذكير بأن أطفال غزة ليسوا أرقامًا في الأخبار، بل أرواح تستحق الحياة والكرامة. مسؤوليتنا جميعاً أن نحميهم ونمنحهم ما يثبت لهم أن العالم ما زال يتذكرهم".

من جانبه قال الدكتور طارق امطيرة، المدير العام لمؤسسة التعاون: "في التعاون وقفنا مع شعبنا أكثر من أربعين عاماً، وفي هذه اللحظة نحن أحوج ما نكون إلى صوت العالم. مبادرة نور هي وعد طويل الأمد لأطفال غزة الذين فقدوا ذويهم، وعد بالرعاية، والتعليم والصحة والحماية. هذا الحفل يرفع أصواتهم عالياً ويؤكد لكل طفل أن مكانه محفوظ في ضمير الإنسانية."

ومع استمرار العدوان، غزة تعيش اليوم كارثة إنسانية غير مسبوقة. أحياء بكاملها دُمّرت، آلاف العائلات شُردت، مدارس تحولت إلى ملاجئ، ومستشفيات بالكاد تصمد أمام الأعداد الهائلة من الجرحى. وسط هذا الدمار، يواصل العاملون الإنسانيون الفلسطينيون المخاطرة بحياتهم لإيصال الغذاء والماء والدواء للأطفال والأسر المحاصرة.

يحمل التضامن العالمي، لا سيما من المملكة المتحدة، اليوم دلالة مضاعفة ورسالة عميقة. فجيل الشباب حول العالم يواصل رفع صوته عالياً مطالباً بالعدالة والكرامة للشعب الفلسطيني. ولا يقتصر هذا التضامن على التبرعات فحسب، بل يتجسد أيضاً في المواقف الأخلاقية التي يتبناها الأفراد، وفي الحركات المجتمعية التي تنشأ دفاعاً عن الحق الإنساني. وبالنسبة لمؤسسة التعاون، يشكّل الفن والثقافة منبراً استراتيجياً لإيصال الصوت الفلسطيني وترسيخه في الوعي العالمي، وتحويل التضامن إلى أفعال ملموسة تحدث فرقاً حقيقياً في حياة من هم بأمسّ الحاجة.

واثق السفاريني، مدير وحدة التواصل والإعلام في مؤسسة التعاون، شدّد على الدور المحوري للفن في تعزيز الصوت الفلسطيني، قائلاً: "الفن والموسيقى يشكّلان رافعة أساسية لرفع الأصوات الفلسطينية التي يسعى كثيرون لإسكاتها. إنهما يوقظان الوعي العالمي، ويحرّكان مشاعر التضامن، ويغذّيان قدرة شعبنا على الصمود. كما يشكلان نداءً مفتوحاً للعالم كي يتحرك، اليوم وليس غداً، لتغيير الواقع القاسي الذي يعيشه الفلسطينيون."

من جهتها، أكدت لويز أريماتسو، رئيس مؤسسة التعاون الشقيقة في بريطانيا، على أهمية الحدث بقولها: "هذا الحفل يمثل علامة فارقة في يقظة الضمير الإنساني عالمياً. لا عودة إلى الوراء. رغم مشاعر الحزن والغضب التي نحملها، علينا أن ننظر إلى مشاركتنا كفعل تضامن حيّ مع أهلنا في غزة. يجب أن نتمسك بثباتنا، فأطفال غزة يستحقون أكثر من مجرد دعم رمزي، إنهم يستحقون مستقبلاً آمناً وكريماً."

يُذكر أنه سيتاح لملايين الأشخاص حول العالم متابعة هذا الحدث الإنساني والثقافي عبر البث المباشر يوم 17 أيلول في تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت لندن، والتاسعة مساءً بتوقيت القدس، ليكون لحظة جامعة تتخطى الجغرافيا نحو رسالة وحدة وأمل.

وفي ظل الخسائر الإنسانية التي تعيشها غزة والتي تفوق الوصف، يأتي هذا الحدث ليجدد الإيمان بأن الضمير العالمي لم يمت. فكل طفل يستحق الأمان، وكل عائلة تستحق أن تُرى وتُسمع، وكل صوت يُرفع من أجل فلسطين هو خطوة نحو مستقبل أكثر عدلاً وكرامة