10 نقاط على قمة الدوحة، وما بعدها؟

كتب الكثيرون عن الغزوة البربرية التي قامت بها الهمجية الإسرائيلية على دولة قطر، وأوضحوا أسباب الغزوة الوحشية بأفهام مختلفة، وكنتُ قد كتبت مطولًا محللا أسباب الاعتداء وما أن حصل مؤتمر قمة الدوحة (15/9/2025م) حتى توالت ردود الفعل والتحليلات الإيجابية التي تشيد بوسطية العرب واعتدالهم والمسلمين، أو تلك الهجومية أوالسلبية التي تهاجم تخاذلهم وعدم مقدرتهم على فعل شيء لردع التمدد الصهيوني الذي استباح شرق الأمة وغربها، ورغم عمق التحليلات فإن لي 10 وقفات أو ملاحظات ربما تكون مدعاة للتفكير والتامل على القمة وما بعدها.
1- لم تتطرف قطر بردود أفعالها مما كان واضحًا من صحافتها المحلية ثم طبيعة المقررات بالمؤتمر التي أكدت على رغبتها الصميمة بالحفاظ على دور الوساطة عامة، ومنه دور الوساطة بين الإسرائيلي وفلسطين، ما يعني عدم قطع العلاقات مع الإسرائيلي ما واكبتها فيه دول الخليج الموقعة على اتفاقيات ترَمب-أبراهام.
2- كان لماليزيا دورًا متميزًا حين طالبت بايقاع عقوبات اقتصادية بخطاب قوي ماثله بالقوة اللاحقة كل من خطاب الرئيس التركي، والمصري الذي وصف الإسرائيلي بالعدو ما يستدعي التفكير أكثر بالمخاطر التي تُحدق بمصر.
3- هناك عدد من الدول العربية والاسلامية التي تتمنع بالموافقة على تحقيق استقلال دولة فلسطين القائمة ولكنها المحتلة (فيما يسمى مجازًا لا نُقِرّه: حل الدولتين) لأنها تريد كل فلسطين كما تقول بدولة واحدة ديمقراطية، مثل إيران والعراق والجزائر وتونس.
4- دول الشام المستباحة أو المحتلة من قبل الإسرائيلي علنًا (خاصة فلسطين وسوريا ولبنان) لم يكن من أمرها الا الشكوى، وترقب العون الذي يرونه لا يأتي من الشقيق العربي أو الإسلامي!
5- كان من الواضح أن دولة أقليمية قوية قد ساهمت بمحدودية ردود الفعل وإبقائها تحت السيطرة في ظل الأمل المعقود على (تحالفات) قادمة مع الأمريكي! ؟ رغم ما يفعله الأمريكي ذو الأوجه المتعددة الشهير بالأكاذيب المتتالية والدعم اللامحدود للإبادة الإسرائيلية لفلسطين من بوابة غزة.(أنظر مقال روبرت مالي: "الأوهام والأكاذيب الأميركية عن "الشرق الأوسط" مع تراجع نفوذها، لجأت واشنطن إلى التضليل وإنكار الواقع". والتي تصنع "كونًا موازيًا من الأوهام"!)
6- في مقابل محدودية أو اعتدال أو ضعف ردود الفعل (السياسية) سواء على قصف الدوحة او على ما يحصل من إبادة جماعية ومذابح وتدمير واستباحة في فلسطين وبلاد الشام، والمنطقة فإنه من الملاحظ أن ردود الفعل الفكرية والثقافية العربية النهضوية كانت بعدد وازن منها مع ضرورة الحزم والوحدة ضد الإسرائيلي الغازي لسماء وأرض دول الأمة لا يميز بين أحدها والأخرى (أنظرعبدالرحمن الراشد إذ طالب: تكتل الدول العربية وراء مشروع واحد مستفيدين من قدراتهم المختلفة ما سيعزز فرص الحل السياسي الذي يحقق للفلسطينيين دولتهم. سعد بن طفلة العجمي: تحقيق الوحدة التعاهدية (الكونفدرالية) الخليجية فورًا،وتوحيد الموقف الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي، ودورجيش مصر وتقويتها، ومساندة الصمود الفلسطيني وفتح خط مع إيران. وغسان شربل: الدولة الفلسطينية هي الممرّ الإلزامي لحفظ استقرار الشرق الاوسط، ووحده حل الدولتين يعيد "إسرائيل" الى "إسرائيل". ومأمون فندي: وضع ترتيبات مراقبة دولية وأقليمية، بضمانات أمنية للمكاتب الوسيطة-مثل قطر، ومراقبين دوليين وقوات محايدة أثناء الاجتماعات الحساسة، وتفعيل شبكة عقوبات ومالية على من يخرق الترتيبات. وطوني فرنسيس: إنهاء حرب غزة أن يكون الهدف الأساس للقمة وأقامة السلام العادل في فلسطين. وهاني المصري: قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الإسرائيلي والتقاني (التكنولوجي) والحظر الجوي وتجميد عضوية الإسرائيلي بالامم المتحدة، و"الاتحاد من أجل السلام"، وحماية أممية للفلسطينيين. وحسن مصطفى: إعادة تعريف الأمن الخليجي بوصفة شأنًا جماعيًا، وركيزة لاستقرار الاقتصاد العالمي. وحسن عصفور: أن تعلن القنوات الإعلامية كافة، إغلاق أبوابها المباشرة أو عبر مواقع التواصل وما يسمى بلقاءات المدونات الصوتية "البودكاست"، أمام أي ممثل لحكومة الفاشية اليهودية، ووقف التطبيع الإعلامي هو الخطوة الأولى لرد حقيقي وجاد على عدوانية دولة الفاشية اليهودية و"الإهانة الشخصية" لحكام عرب..غير ذلك استعدوا لزمن "المحميات السياسية" تحت "السيادة الإسرائيلية"، وحيث قال بعد القمة أن: بيان "قمة الدوحة المستعجلة" التهديدي لغويا، انعكاس حقيقي لانتهاء زمن "الكرامة السياسية" لدول وكيانات أمام دولة العدو.. وأكدت أن "السياسة السياحية" خيارها الردعي البديل. وألون بن مائير اليهودي الأمريكي: استدعاء السفراء حتى تنهي "إسرائيل" الحرب، والتهديد بقطع العلاقات...ووقف كل الاتفاقيات التجارية مع الإسرائيلي، ووقف التأشيرات، وانهاءالتعاون الأمني...!؟)
7- لم يتوقف الغلو الإسرا-أمريكي ضد الأمة العربية والإسلامية ولو للحظة حتى قبل وأثناء وبعد القمة الخليجية ما يعني ما يعنيه من احتقار واستصغار وتهميش لكل قادة الأمة من شرقها لغربها ما يستدعي فعلًا إعادة النظر بالعلاقات العربية الأمريكية من كافة الجوانب، بعد التخلص من وهم التغوّل الفرعوني الإسرائيلي الداهم (أنظر النموذج الإيجابي السعودي بتحالف الدفاع المشترك مع باكستان).
8- البنود المتعلقة بفلسطين لم تكن حسب المأمول أي بالانتقال من استجداء الاعتراف بدولة فلسطين القائمة لكنها تحت الاحتلال (قائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني-أنظر قرار التقسيم ودولتين على أرض فلسطين-والسياسي باعترافات العالم...) الى مرحلة تحقيق أواستقلال أو تحرير الدولة القائمة ولكنها المحتلة بمعنى الانتقال لمرحلة تجسيدها بالدعم الكامل للسلطة الفلسطينية سياسيا وماليا ودبلوماسيًا والدفع لإزالة الاحتلال عن الدولة القائمة. (أو كما يقول ألون بن مائير: الاعتراف وحده لا يكفي).
9- إذا لم تستطع فلسطين أن تظهر كصورة موحدة أمام العالم فإن التصدع والتحلل العربي والعالمي من الخطوات الأبعد لتحقيق استقلال الدولة سيكون محققًا، إذ ستتعلّل عديد الدول برواية التفتت والخلاف الفلسطيني، وتصبح غزة (المستقلة) أو التابعة للإسرائيلي واقعًا الى جانب واقع الضفة المحتلة الى الأبد.
10- بعد مؤتمر الدوحة سيأتينا مؤتمر نيويورك في 22/9/2025م فإن لم تكن النتيجة حسب المتوقع أي العمل لتحقيق استقلال الدولة وليس فقط كسب اعترافات جديدة فإننا (محلك سر، أو الى الخلف در) ، إذ أن تكامل الاعتراف الأوربي الواجب أخلاقيًا وسياسيًا وتاريخيًا مرتبط بفرض عقوبات على دولة الإبادة الجماعية من أوربا التي ساهمت بإنشاء كيان على حساب آخر، مع صرامة وديمومة الموقف العربي الإسلامي المطلوب.