دولتنا .. كم مرة اعلناها ؟

في العام 1948 وبعد مغادرة الانتداب البريطاني لفلسطين ومساعدة " إسرائيل " في اعلان قيامها على ارض فلسطين ، اعلن الحاج امين الحسيني حكومة عموم فلسطين في غزة . لكن التجربة لم تكتمل لظروف دولية وعربية .
في العام 1988 استلهمت منظمة التحرير من ذروة انتفاضة الحجارة في تشرين الثاني في الجزائر فكرة اعلان الاستقلال لمحاكاة الاحداث على الأرض ، وبينما كانت معظم مدن فلسطين تعيش اصعب الظروف وتحت حظر التجوال ، اعلن الزعيم عرفات استقلال فلسطين . وهذا الإعلان كان يرمز الى اعلان استقلال منظمة التحرير كدولة في المهجر أكثر منه اعلانا باستقلال حقيقي لفلسطين . وبالفعل تم ترسيخ منظمة التحرير عنوانا للدخول الى مفاوضات سرية وعلنية شاقة أدت الى اتفاقيات أوسلو لاحقا في العام 1995 .
في التسعينيات بدأ العمل على ترسيخ رموز السلطة باعتبار انها بروفة لقيام دولة ( انتخابات مجلس تشريعي – اعلان القانون الأساسي – تشكيل وزارات – شرطة معابر وشرطة بحرية – ميناء ومطار ... ) .
في العام 2000 كان يفترض ان تنتهي الفترة الانتقالية لاتفاقيات أوسلو والمقررة خمس سنوات وان يقوم رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الأمريكي بإعلان موافقتهما على قيام دولة فلسطين على ٢٧٪ فقط من مساحة فلسطين التاريخية . لكن اليمين الإسرائيلي كان قتل رئيس وزراء إسرائيل اسحق رابين وبدأ بإخراج الاتفاقيات عن مسارها وتحويلها الى قيود في يدي الفلسطينيين ، فلا هي تعطيهم دولة ولا هي تعيدهم " ثورة" وتورط الجميع في فترة انتقالية سلبية مؤذية منذ ثلاثين عاما .
في 2008 اعلن رئيس وزراء حكومة فلسطين د. سلام فياض عن خطته الإدارية والمالية والوطنية لإعلان فلسطين كدولة في العام 2011 وبالفعل استثمرت السلطة والرئاسة كل جهدها في الامر وصولا الى خطاب الرئيس أبو مازن الشهير امام الأمم المتحدة في العام 2012 والذي اثمر عن جمع اعتراف 130 دولة في العالم بدولة فلسطين ولكن الإدارات الامريكية ظلت تجهضها كل مرة ولا تبخل باستخدام الفيتو بشكل غير أخلاقي ويخرج عن العرف السياسي الدولي .
ودأب الرئيس أبو مازن منذ أكثر من عشر سنوات على تحويل خطاباته امام الأمم المتحدة كل عام الى دعوة للاعتراف بدولة فلسطين .حتى صار موضوع الاستقلال على اجندة كل الدول في العالم .
ورغم ان حكومات الاحتلال كانت ترد بقوة عسكرية استيطانية مفرطة على هذه الاعترافات الرمزية الا ان إسرائيل فشلت فشلا غير مسبوق على الساحة الدولية والعربية .
هذه المرة تنضم دول الاستعمار القديم والدول الغربية العظمى للاعتراف بدولة فلسطين . ويستطيع الوزراء المتطرفين في حكومة نتانياهو الاستخفاف بالأمر كما يريدون ، ويستطيعون نصب الف بوابة حديدية على مداخل المدن والقرى في الضفة الغربية ولكن هذا يأخذنا الى حقائق تاريخية ثابتة :
- لا حل الا الحل السياسي
- قد يتطلب الامر عشر سنوات لإعادة اعمار قطاع غزة ، وقد يتطلب الامر 20 عاما لاستعادة الضفة الغربية والقدس لحريتها . لكن إسرائيل خسرت ما أنجزته طوال مئة عام على صعيد العالم .
- لقد انتهى مشروع ابراهام ومات في مهده بفضل جشع ترامب وتهور نتانياهو ، وقد يكون نتانياهو وترامب كسبا 4 سنوات في الحكم لكن أمريكا وتل ابيب خسرتا فرصة تاريخية نادرة لن تعود لثلاثة أجيال .
- سوف يحاول المتطرفون في إسرائيل و( البسطاء الطيبون ) بيننا الاستخفاف والاستهتار بإعلان دول العالم الاعتراف بفلسطين كدولة ولكن هذا لا يعني عدم وجود تغير دولي كبير لصالح الدولة .
- الصبر والصمود فلسفة عميقة بشرط ان يبقى هناك نواة طاهرة وصلبة تراكم الإنجازات وتفكر بمستقبل الأجيال القادمة لا بمستقبلها او مكاسبها الذاتية.