افتتاحية "لوموند" الفرنسية تشدد على الضرورة الملحّة للاعتراف بدولة فلسطين

2025-09-21 12:00:20

 قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في افتتاحيتها تحت عنوان: "الضرورة الملحّة للاعتراف بدولة فلسطين"، إن المبادرة التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يستعد للاعتراف بدولة فلسطين يوم الإثنين 22 سبتمبر/ أيلول، من على منبر الأمم المتحدة؛ لا يمكن إلا أن تحظى بالتأييد، فهي تستند إلى الانسجام مع الذات وإلى المبادئ. فقد دعمت فرنسا دائما حل الدولتين، وهو الأفق الذي رُسم منذ خطة تقسيم فلسطين الانتدابية التي أُقرت في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1947 تحت رعاية الأمم المتحدة الناشئة.

وشددت "لوموند" في افتتاحيتها على أن هذا الدعم ينسجم مع مبدأ أساسي، وهو حق الشعوب في تقرير المصير.. فالاعتراف بدولة فلسطين يعني الاعتراف بوجود شعب فلسطيني، وهو أمر لا يمكن لأحد إنكاره، وبوجود أرض يُمارَس عليها حقه في تقرير المصير.

هذه الأرض، المتمثلة في غزة والضفة الغربية، جرى احتلالها واستيطانها بالقوة من قبل إسرائيل. وعدم مشروعية هذا الاحتلال مبدأ آخر من مبادئ القانون الدولي، لا يجب أن يُستثنى منه أحد، وإلا كان ذلك ازدواجية في الخطاب تبعا لمصالح متقلّبة، تقول "لوموند".

موضّحة أن هذا الاعتراف يستتبع اعترافا موازيا بإسرائيل من الدول التي ما زالت ترفض ذلك حتى اليوم، وقبولا نهائيا من الفلسطينيين أنفسهم بدولة إسرائيل، وهو شرط لا غنى عنه لضمان أمنها.

أما خصوم منطق الاعتراف بدولة فلسطين، القائم على هذه المبادئ، فلا يعارضونه إلا بحجج ظرفية.. يقولون إن التوقيت غير مناسب، وإنه من الأفضل تأجيل ذلك.

تتابع لوموند: لكن الحجة الأولى لا تصمد إلا إذا غضضنا الطرف عمّا يجري اليوم في غزة والضفة الغربية، مضيفة أن هذه التصعيدات هي التي أقنعت إيمانويل ماكرون بأن فرنسا لم يعد بوسعها الانتظار أكثر للالتحاق بالغالبية الساحقة من دول الأمم المتحدة. وهذه الدول، لا بد من التذكير، تعتبر منذ زمن بعيد أن الاعتراف بدولة فلسطين عمل عدالة، من شأنه أن يضع حدًا لصراع ولّد الكثير من المآسي.

والواقع أن إسرائيل لا تكتفي بتكرار التأكيد، على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أنه لن تكون هناك أبدا دولة فلسطينية، بل إنها تبذل قصارى جهدها لمنع ذلك، وهي على وشك أن تنجح.

والحقيقة أن "الحل" الإسرائيلي للقضية الفلسطينية لم يكن يوما أوضح مما هو عليه اليوم: تدمير غزة لدفع أكبر عدد من سكانها إلى النزوح، ثم حشر فلسطينيي الضفة الغربية فيما يشبه "البانتوستونات" في نظام الأبارتايد، تحت ضغط عسكري واقتصادي وإنساني يجعل رحيلهم أمرا محتوما.

واعتبرت "لوموند" أن الاعتراف بدولة فلسطين رسالة موجهة إلى شعبين. تهدف إلى إخراج الأقوى، المسجون في تاريخ مؤلم، من وهم التفوق المطلق، وإلى إبقاء شعاع أمل حيا لدى الطرف الأضعف، الذي لا ينفك يعاني في غزة والضفة الغربية.

صحيح أن لهذه المبادرة حدودا عملية في مواجهة تشدد بنيامين نتنياهو، المدعوم بلا تحفظ من دونالد ترمب. لكن الانتظار اليوم لا يعني سوى إعلان العجز، بل والموافقة الضمنية على مشروع معلن للتطهير العرقي، وفق "لوموند".

وتقول "لوموند"، فإن فرنسا ليست وحدها، حيث نجحت في حشد الدول العربية، التي يمر عبرها الإدماج الكامل لإسرائيل في الشرقين الأدنى والأوسط، وشركاء غربيين ظلوا جامدين فترة طويلة.

وشددت على أن الاعتراف بدولة فلسطين لن يكون كافيا لتحقيق السلام، بطبيعة الحال. أما التخلي عنه، فمعناه تسريع القضاء على حل الدولتين، أي ضمان اندلاع حرب لا نهاية لها.