ترمب بين إرادة العالم ومغامرات نتنياهو

2025-09-25 11:06:53

 

 

لم يحدث في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أن قدّم رئيسٌ أمريكيٌ لإسرائيل وحروبها وتوسعها وتمردها الدائم على القانون وقرارات المجتمع الدولي مثلما قدّم دونالد ترمب.

ولم يحدث في التاريخ أن دفعت إدارة أمريكية تكاليف باهظة مادية وسياسية بالقدر الذي دفعته إدارة ترمب لإسرائيل من القدس إلى الجولان إلى المشاركة في حرب الإبادة على غزة، إلى صفقة القرن، وإلى التلويح بدعم مخطط نتنياهو في الضفة، إلى آخر ما في القائمة الإسرائيلية من بنود.

تهور ترمب وأركان إدارته في مشاركة إسرائيل عدوانها، لم يكن مزايا يضعها ترمب في رصيده، بل وضعته ووضعت إدارته في حالة عزلةٍ لم يسبق أن حدثت مع أمريكا وإداراتها المتعاقبة، وكان المشهد التاريخي المليء بالدلالات العميقة والمؤشرات المستقبلية الواعدة، هو أحد الشواهد القوية والحاسمة على العزلة الأمريكية بين أمم ودول العام.

كان ذلك بالوقائع والأرقام حين تصطف إدارة ترمب مع سبع أو ثماني دولٍ فقط، اعترضت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مقابل ما يزيد عن مائة وخمسين دولة اعترفت بالفعل، وحتى الدول القليلة التي لم تصوّت لمصلحة الدولة، أعلنت أنها تعترض على التوقيت وليس على المبدأ.

يجري الآن حديثٌ قوي عن مبادرةٍ أمريكية من عدة نقاط لم يعلن عنها رسمياً، وإنما عبر تسريباتٍ متفرقة، وقد تُعلن عندما يجيزها نتنياهو الذي وضعت أمريكا في يده حق الفيتو على كل ما لا يرضيه فيها.

وإلى أن تُعلن على الملأ ويعلن الموقف الإسرائيلي منها فسوف يدخل العالم كله في عملية تقويمٍ موضوعيةٍ لها ولمدى جدارتها ليس فقط في وقف الحرب على غزة وإنما في إشاعة وتعميم السلام في المنطقة، بما يرضي الفلسطينيين الذين هم ضحيته الأولى ولا يجوز القول الأخيرة.

السلام المنشود من قبل العالم كله، حوّلته إسرائيل إلى حرب إنكارٍ وإبادة، ما يضع العالم أمام مقارنةٍ بين المبادرة الأمريكية التي يجري الحديث عنها والتي لن تقرّ إلا إذا أجازها نتنياهو وبين صفقة القرن التي أعلنها ترمب في ولايته السابقة.

وعبر هذه المقارنة سيتضح هل واصل ترمب انحيازه لمغامرات نتنياهو وتبنيه لها، ام أنه احترم إرادة العالم وإجماعه على قيام دولةٍ فلسطينيةٍ حقيقية فوق الأراضي التي احتلت في العام 1967 بما فيها القدس الشرقية.

في هذه الأيام وقد لا تطول كثيراً سوف نستبين الخيط الأبيض من الأسود، وسوف يظهر ترمب ومبادرته للسلام وتأهيل نفسه لجائزة نوبل كرجلٍ فعّالٍ في عملٍ تاريخي يريده العالم كله، أم أنه سيبقى على حاله مع بعض التحسينات المظهرية.