ترمب يبيع الوهم … ويشرعن الاحتلال

خدعة جديدة يسوّق لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تُقدَّم للعالم على أنها مبادرة لانفراج ووقف إطلاق النار في غزة وتقديم المساعدات من دون أي حديث عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو تحقيق سلام عادل لكنها في حقيقتها كذبة سياسية وبيع للوهم تقوم على شروط إسرائيلية جديدة وتهدف إلى إطالة أمد حرب الإبادة الإسرائيلية وشرعنة الاحتلال ومنحه وقتاً إضافياً لتنفيذ مخططاته في محاولة مكشوفة لصرف أنظار المجتمع الدولي الغاضب من جرائم إسرائيل في غزة والانتهاكات غير المسبوقة التي تجاوزت حدود جرائم الحرب ، ترامب لن يوقف الحرب ولن يوفر حتى الحد الأدنى من المساعدات الأساسية بل يكرّس الاحتلال ويخدم مصالحه.
وفق تصريحات ستيفن ويتكوف الممثل الخاص للرئيس ترامب تتضمن الخطة التي لم تُعلن بعد 21 نقطة استراتيجية كلها شروط إسرائيلية قديمة وجديدة تهدف في جوهرها إلى خدمة الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين دون أي ذكر للأسرى الفلسطينيين و في حال تم الإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين فمصيرهم محتوم بين الاعتقال مرة أخرى أو الاغتيال على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي لتستمر بعدها آلة الحرب والإبادة في غزة بعد هدنة مؤقتة قد تستمر أياماً أو شهوراً . كما تسعى الخطة إلى إبقاء الفلسطينيين بلا حقوق مع حرمانهم من أي مشاركة فعلية في الحوار ورفض الاعتراف بدولة فلسطين ما يكرّس الهيمنة الإسرائيلية ويطيل معاناة الشعب الفلسطيني.
في ظل تصاعد الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة كاملة السيادة على حدود عام 1967 تأتي الخطة الأمريكية لتهمش الحقوق المشروعة للفلسطينيين و تحرف الأنظار عنها فقد غُيّبت القيادة الفلسطينية بالكامل لا ممثلية ولا اعتبار للشرعية الفلسطينية فيما يُفترض أن يظل الشعب الفلسطيني متفرجاً على مستقبل يُكتب بدون أي مشاركة له.
أما العدالة الدولية فهي مجرد شعار فارغ فخطة ترمب لا تتضمن تطبيق اي قرارات دولية او محاسبة لمجرمي الحرب الإسرائيليين أو الأمريكيين الذين شاركوا في عمليات الإبادة بل توفر غطاءً سياسياً وقانونياً للإفلات من العقاب وتستمر الولايات المتحدة في إبقاء الاحتلال بلا رادع.
على الصعيد العربي والإسلامي هناك غضب كبير من شعوب المنطقة على قبول بعض القادة المُذل الجلوس مع ترامب المشارك بجريمة الابادة و قصف الدول العربية و اخرها دولة قطر و الرجل الذي استخدم الفيتو مراراً لدعم استمرار إسرائيل في حرب الإبادة وقتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين وأغلق مكتب منظمة التحرير ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس ومنع وقف حرب الإبادة وأعلن رفضاً صريحاً لحل الدولتين.
أما على الأرض فالمواجهات مع دولة الاحتلال مستمرة وجبهات التوتر لم تُغلق: لبنان، غزة، الضفة الغربية، اليمن، إيران، وحتى فتحت جبهات مع بعض الدول العربية المستهدفة بمخططات التوسع الإسرائيلي ضمن خططتهم بإنشاء ما يسمى اسرائيل الكبرى كما ان أي محاولة لضم الضفة الغربية ستزيد الواقع اشتعالاً و ستصطدم بعقوبات أوروبية ودولية بينما الاحتلال مستنزف بفعل صمود الشعب الفلسطيني مما يجعل أمريكا تفكر باحتواء الموقف.
وراء كل هذه السياسات تكشف الخطة رؤية ترامب للعالم: انه القوة العظمى التي يجب على الجميع الخضوع لإرادتها كل دولة وكل قيادة وكل شعب أمام معادلة واحدة: القبول بإملاءاته أو مواجهة الإبادة، العزلة، والضغط والعقوبات الأمريكية.
باختصار خطة ترمب ليست سلاماً بل أداة لترسيخ الاحتلال وتمديد عمره وتوسيع سيطرته على حساب حقوق الفلسطينيين والأمة العربية والإسلامية كما تكشف تصريحات ويتكوف عن الـ21 نقطة أن الخطة وُضعت لدعم الاحتلال و شروطه وإخفاء الجرائم وحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين وإبقاء الفلسطينيين تحت السيطرة الكاملة بعيداً عن أي مساءلة أو عدالة دولية وفي المحصلة الدم الفلسطيني سيبقى ينزف في غزة والضفة فكما يقول المثل الشعبي: “من طلب العسل من جحر الدبابير لن يحصل إلا على اللسعات.