خطابٌ فارغ.. أمام مقاعد فارغة

2025-09-27 15:46:23

كان خطاب نتنياهو المطوّل جداً والفارغ جداً، هو إعلانٌ من على قمة العالم بأن الرجل الذي سُمّي بالملك والساحر، فقد لياقته الخطابية بعد أن فقد لياقته السياسية.

قبل أن يصل نيو يورك كان قد تهرّب كثيراً وطويلاً من محاكمته أمام القضاء الإسرائيلي، ولجأ إلى تحايلاتٍ كثيرةٍ من أجل الهروب من الجلسات، كتلميذٍ غير نجيب يدّعي المرض للغياب عن المدرسة.

وقبل أن يصل إلى نيويورك وهو في طريقه إليها أضيفت ساعاتٌ على رحلته كي لا تصطاده دولةٌُ من الدول الملتزمة بمحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات.

وقبل أن يدخل مبنى الأمم المتحدة، وتحوّطاً من يقينه بانسحاب معظم الوفود، أحضر معه مصفقيه، وحشد قدر ما استطاع على عجل من صهاينة الولايات المتحدة للجلوس على مقاعد الضيوف لعل ذلك ينفع في حالة شح التصفيق.

وحين اعتلى المنصة لم يقدم نفسه كرئيسٍ أو زعيم وإنما كشخصٍ هو مزيجٌ من الادعاء ونفخ العضلات بالهواء وتقمّص شخصية معلم في مدرسةٍ ابتدائية، يلقي دروساً مستعيناً برسومٍ توضيحية، فيها من السذاجة أكثر بكثيرٍ مما فيها من القرائن الجدية.

تحدث عن الفساد ناسياً أن المقاعد الفارغة والقلة القليلة التي تجلس عليها، يعرفون كم قضية فسادٍ تلاحقه داخل إسرائيل، وكم أزهق من أرواحٍ لكي ينجو منها ليتفادى مصيراً محتوماً بين السجن أو البيت.

أخيراً لا يصلح الخطاب لنقاشٍ سياسيٍ جديٍ حوله، لأنه بالضبط مجرد خطابٍ فارغ ألقي على مقاعد فارغة لا أكثر ولا أقل.