مستشار قانوني لراية: معتقل العمال الفلسطينيين خرق صارخ للقوانين الدولية وسياسة لتجويعهم
في خطوة وصفت بأنها صادمة وصارخة للقوانين والحقوق الإنسانية، أقرّ وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إنشاء معتقل خاص بالعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. خطوة أثارت موجة من التساؤلات القانونية والأخلاقية حول مستقبل حقوق العمال ومدى توافق القرار مع القوانين الدولية.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، حذّر وهبة بدرانة المستشار القانوني لنقابة العمال العرب في الناصرة من أن هذه الإجراءات تمثل سياسة ممنهجة للتنكيل والتجويع، مؤكدًا أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع العمال الفلسطينيين كـ"خطر أمني" لا كقضية إنسانية.
قال بدرانة إن قرار إنشاء معتقل خاص بالعمال الفلسطينيين يشكّل خرقًا فاضحًا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمال وحقوق الإنسان، موضحًا أن الحكومات الإسرائيلية اعتادت في كل فترة حرب على انتهاج سياسة "أنظمة الطوارئ" وفرضها على الفلسطينيين سواء في الضفة أو داخل أراضي 48، وأن جميع التشريعات والقوانين التي أقرّتها إسرائيل في هذا السياق غير قانونية.
وأضاف أن فتح سجون جديدة للعمال بأوامر من وزير الأمن القومي بن غفير يندرج في إطار سياسة تجويع العمال الفلسطينيين، بعد سحب أكثر من 125 ألف تصريح عمل منهم، سواء من الضفة الغربية أو من غزة، بهدف حرمانهم من مصدر رزقهم.
وأوضح بدرانة أن السلطات الإسرائيلية بدأت بإنشاء مراكز اعتقال مخصصة للعمال، الأول بين القدس ورام الله، والثاني في منطقة الشمال بين حيفا والناصرة، بحيث يستوعب كل مركز نحو 3 آلاف عامل.
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية تدّعي أنها فتّشت عام 2025 أكثر من 665 ألف مركبة، وضبطت خلالها مئات العمال ممن وصفت دخولهم عبر فتحات الجدار أو بطرق غير قانونية بـ"التهريب".
ولفت بدرانة إلى أن الأخطر في هذا القرار أن التهمة الموجّهة للعامل الفلسطيني لم تعد جنائية كما كان في السابق، بل أمنية، وهو ما يعني مضاعفة العقوبات من السجن لستة أشهر أو عام إلى السجن لمدة تصل إلى سنتين. وأضاف: "وزير الأمن القومي أعلن صراحة أن كل عملية اعتقال لعامل فلسطيني تُعتبر عملية حربية"، مشيرًا بسخرية إلى أن العامل الفلسطيني الذي يذهب لقطف الزيتون أو للعمل في البناء يُصنّف كـ"مخرب".
وتابع أن هذا القرار ستكون له انعكاسات سلبية خطيرة على جميع العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، معتبرًا أنه إجراء انتقامي يهدف لمزيد من التنكيل.
وعن خيارات المواجهة، أوضح بدرانة أن النقابات العمالية والمؤسسات الحقوقية توجّهت إلى منظمة العمل الدولية وجهات نقابية أخرى، لكن هذه الخطوات رغم أهميتها في فضح السياسات الإسرائيلية، لا تعيد العمال إلى مواقع عملهم، ولا توقف سياسة التجويع.
وأشار إلى أن الاحتلال، رغم إجراءاته القمعية، ما زال يغضّ الطرف عن وجود ما لا يقل عن 50 ألف عامل فلسطيني يعملون حاليًا داخل الخط الأخضر بدون تصاريح، وهو ما يعكس إصرار العمال على العمل رغم المخاطر، واستعدادهم للتضحية حتى بأرواحهم من أجل تأمين قوت أولادهم.
وختم بدرانة بالقول إن إسرائيل إذا لم تسمح بعودة العمال الفلسطينيين إلى أعمالهم، فهي تفتح الباب لانفجار جديد قد يصل إلى انتفاضة ثالثة، مضيفًا: "العامل الفلسطيني لن يتوقف عن البحث عن لقمة العيش، وسيبقى مستعدًا لدفع أثمان باهظة من أجل كرامته ورزق عائلته".