حماس.. بين القبول والرفض

هنالك محاذير موضوعية لقبول حماس، ومحاذير أكثر لرفضها.
محاذير القبول تتلخص بالمخاوف التي تثيرها العناوين والصيغ العامة، دون وضوحٍ في التفاصيل الضرورية، بحيث يتولى الخصم تفسيرها على الأرض مستنداً إلى قوته المتفوقة، ويصدق القول في هذه الحالة بأن الشيطان يكمن في التفاصيل.
وتتلخص محاذير الرفض بحصول نتنياهو على ذريعةٍ لمواصلة الحرب، بأقل قدرٍ من الإدانة الدولية لمسؤوليته عنها، واضعين في الاعتبار أن الحرب بالنسبة لنتنياهو طوق نجاةٍ من أمورٍ كثيرة، تتصل بحاضره ومستقبله السياسي والسلطوي.
حماس وبعد طوفان الموافقات على المبادرة الأمريكية، وبعد أن ضاقت نافذة التعديلات الأساسية عليها، لم يعد أمامها من خيار سوى دمج موقفها مع موقف الدول العربية والإسلامية، والذي تجسّده الآن جهود الوساطة القطرية والمصرية، ومعهما بطريقة ما التركية.
نافذة التعديلات لم تُغلق بعد، وطلبات حماس بشأن السلاح والجداول الزمنية وإن بدا الأول بالنسبة لها محقاً إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للعرّاب الأمريكي المتفق تماماً في هذه النقطة مع شريكه الإسرائيلي، وإذا ما راجعنا المواقف العربية والإسلامية وحتى الدولية من هذه المسألة بالذات، فسوف نجد أنها متفقة على نزعه أو إلقاءه أو تسليمه، وهذا ما يضعف موقف حماس وحججها للاحتفاظ به، أمّا الجداول الزمنية للانسحاب فهذه مسألة محقة بصورة موضوعية وتستحق أن يتبناها العرب والمسلمون ومن يؤيدهم، لأنها ضرورةٌ موضوعيةٌ لا صدقية لترتيبات اليوم التالي ما دامت إسرائيل في أي مكان على أرض غزة.
الزمن المتبقي لحماس كي ترد بصورةٍ نهائيةٍ يتسارع كثيراً ولا مناص من موقفٍ يتبناه الوسطاء ويقنعون الأمريكيين به ويصعب على الإسرائيليين استغلاله كذريعةٍ لمواصلة الحرب، الموقف في هذه الحالة ولربما ما يجري الآن من حوارٍ يتركز عليه يمكن لحماس أن تتغطّى به، وأن تستفيد منه.
الوسطاء العرب يسابقون الزمن في إيجاد مخرجٍ يوقف حرب الإبادة التي وقفها هو الشغل الشاغل لأهل غزة وفلسطين أولاً ولكل من يسعى لذلك على مستوى العالم كله، والرهان المتبقي أن ينجح الوسطاء في إدخال تعديلاتٍ تجعل من قبول حماس أمراً معقولاً.