سنتان على حرب التقديرات الخاطئة

2025-10-07 11:18:34

 

لم يتسنّى لغزة إحياء الذكرى السنوية الثانية للحرب التي بدأت صبيحة السابع من أكتوبر 2023، وذلك لفداحة ما أنتجت من دمارٍ وخرابٍ وشهداء.

كما لم يتسنّى لإسرائيل التي تحيي الذكرى، الاحتفال بالنصر الذي قدّرت قيادتها السياسية والعسكرية أنه سيكون في متناول اليد بعد أسابيع أو أشهرٍ قليلة.

بالقياس مع الحروب التي سبقت إبّان حكم حماس لغزة، كانت المعارك تعدّ بالأيام ولم يحدث أن عُدّت بالشهور، وكانت تدور متزامنةً مع جهدٍ مصريٍ لوقفها، وكان ينجح دائماً.

حين شنّت حماس ومن معها عملية طوفان الأقصى، كان مفاجئاً لها حجم الخسائر البشرية التي تكبدتها إسرائيل جرّائها، كما كان مفاجئاً أكثر عدد الأسرى الذين اقتادتهم إلى أنفاق غزة، وكان مفاجئاً كذلك ضخامة الرد الإسرائيلي عليها، إذ كانت التقديرات تتجه إلى أيامٍ أو أسابيع، ذلك أن فداحة الخسائر التي دمّرت معنويات الإسرائيليين، كان يكفيها للتوازن عشرة آلاف قتيلٍ وضعفهم من الجرحى، ومساحات واسعةً من الدمار، كي تتوقف الحرب بتسوية، يشترك فيها الأمريكيون والقطريون والمصريون، غير أن الذي حدث لم يكن كذلك.

لم تكن حماس وحدها من أخطأ التقدير بشأن الفعل ورد الفعل، بل إسرائيل كذلك التي قدّرت أن كثافة النار التي تملكها، وضخامة القدرات التدميرية، توفّر لها حسماً نهائياً خلال أيام أو أسابيع أو حتى أشهرٍ قليلة، غير أن الذي حدث لم يكن كذلك أيضاً.

الحرب إن اعتمدت تسمية طوفان الأقصى أو اعتمدت تسمية السيوف الحديدية، لم تبقَ حتى الآن، بتأثيرها أو عصفها داخل حدود غزة، ولم تقتصر على أهدافٍ إسرائيليةٍ على حماس، بل مددتها باستخدامها ذريعةً لشن حربٍ على سبع جبهات، تشمل جغرافية الشرق الأوسط بمعظمها بما في ذلك إيران ومشروعها النووي.

كان مفاجئاً لإسرائيل كذلك اندلاع جبهةٍ شعبيةٍ عالمية شملت كل العواصم، بما في ذلك عواصم دولٍ كانت تعتبرها حاضنةً استراتيجية لها، كما فوجئت بطوفان الاعترافات المسبقة بالدولة الفلسطينية، ويفترض أن لا يكون نتنياهو فوجئ بالمقاعد الفارغة التي خاطبها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في الحرب كما في السياسة، يكون لسوء التقدير دورٌ في الكسب أو الخسارة، ويكون له كذلك دورٌ في طول أمد الصراع أو قصره، وفي الحرب ذات الاسمين الرائجين طوفان الأقصى والسيوف الحديدية، يمكن وصفها بحربٍ ذات فصولٍ متعددةٍ ومتوالدة، والتي بمجموعها تجاوزت ما أرادته حماس، صاحبة طوفان الأقصى، وما أرادته إسرائيل صاحبة السيوف الحديدية، لتشغل بال العالم كله، على مدى سنتين ولا أحد يعرف متى تتوقف وإلى أي مدىً يصل تأثيرها الحربي والسياسي.