خاص| بعد فقد أربع بنات وساق مبتورة.. حنين تصرخ من أجل الحياة

2025-10-07 12:46:27

أروى عاشور- غزة- رايـــة:

في قلب غزة، حيث تتقاطع الحرب مع حياة الناس اليومية، تختبئ قصصٌ لا يُمكن للزمن أن يمحوها، وجرحٌ لا يُشفى إلا بمعجزة. حنين المبحوح، 34 عامًا، من مخيم النصيرات جنوب وادي غزة، تحمل في جسدها وبعقلها أثر صاروخ غادر أطلّ على بيتها في ليلة مظلمة من يوليو 2024، ليحمل معها مأساة فقدٍ لا يوصف: أربع بناتٍ استشهدن، وساق مبتورة، وجراح مروعة في كل أطرافها، وألم لا ينتهي.

حنين روت قصتها لــ"رايـــة" لتوثيق المعاناة الإنسانية في غزة، ولتكون صرختها شاهدة على ما خلفته الحرب من دمار وفقد.

تستعيد حنين تلك اللحظة وكأنها أمامها الآن، الصوت المزلزل للانفجار، والدمار الذي حلّ بالمنزل، والصرخات التي لم تنقطع.

"كنا نايمين الساعة الثالثة والنصف قبل الفجر... استهدفونا بصاروخ مباشر. لم نتوقع هذا الغدر"، تقول حنين بصوت مبحوح، يختلط فيه الحزن بالصدمة.

الانفجار لم يترك شيئًا كما كان. زوجها أصيب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة، مع شظايا منتشرة في جسده، أما هي فقدت وعيها، وغرقت في نزيف حاد وكسر في الحوض وأطرافها الأربعة. بعد أربعة أيام من المعاناة، نقلت إلى العناية المركزة بالمستشفى الأمريكي، حيث قضت 40 يومًا بين غرف العمليات والأقسام المختلفة، تحاول النجاة وسط الألم والدمار.

لكن الفقد لم يقتصر على جسدها، بل طال روحها

"استشهدت بناتي الأربع، كانوا طايرين على بيوت الجيران، وأنا فقدت الوعي. لقونا أنا وزوجي وبنتي الصغيرة طايرين أيضًا"، تقول حنين وهي تدمع، وكأن الألم يعيدها إلى تلك اللحظة المروعة.

ستة أشهر قضتها في المستشفى بين العمليات والتعافي، لكنها خرجت بحياة جديدة مشوهة: ساق مبتورة تعاني من الالتهابات والألم العصبي المستمر، يدٌ فقدت أعصابها وعظمها، ورجل شمالية فيها كسور صعبة وفقدت مفصل الكاحل. كل يوم هو معركة مع الألم، أحيانًا لا تستطيع النوم ليالي متواصلة بسبب وجع الأعصاب، رغم الأدوية التي تتناولها.

حنين الآن تحمل على كاهلها جراح الجسد والفقد النفسي، وتحلم بأن تعود إلى الحياة ولو جزئيًا.

"أريد العلاج خارج غزة، أريد أن أتعافى، أستعيد قدرتي على المشي والحركة، وأحاول أن أعيش حياة طبيعية مع زوجي، وأن أربي طفلًا جديدًا يعوضني عن بناتي"، تقول بحزن، لكن في عينيها شعاع من الأمل.

قصتها، مثل العديد من القصص في غزة، تحكي مأساة المدنيين الذين باتت الحرب جزءًا من تفاصيل حياتهم اليومية، لكنها أيضًا صرخة عالمية لطلب المساعدة، لفتح أبواب العلاج والنجاة، وإعادة الأمل إلى قلبٍ اختبر أقصى درجات الألم والفقد.