فوز الفلسطيني عمر ياغي بنوبل... حين ينتصر العلم على البلطجة السياسية

عالم فلسطيني من “المسمية الكبرى – غزة” يرفع اسم فلسطين في سماء نوبل، بينما يلهث ترامب وراء الجائزة بالضغوط والابتزاز
بينما يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب كل أشكال الضغط والبلطجة السياسية من أجل نيل جائزة نوبل للسلام، جاء فوز العالم الفلسطيني عمر ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 كصفعة أخلاقية وإنسانية تذكّر العالم أن فلسطين لا تُعرف بالحروب فقط، بل بالعلم والعلماء، والأدب والأدباء، والشهداء والمناضلين الأوفياء.
### **فخرٌ لفلسطين والعلم العربي
ياغي، أستاذ الكيمياء في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، فاز بالجائزة إلى جانب الياباني سوسومو كيتاغاوا والبريطاني ريتشارد روبسون، تقديرًا لإسهامهم في تطوير ما يُعرف بـ الأطر المعدنية العضوية (MOFs) — وهي مواد جزيئية مسامية تُحدث ثورة في مجالات تنقية المياه، واستخلاص الماء من الهواء، واحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزين الهيدروجين.
وتُعد هذه الجائزة أول نوبل في الكيمياء تُمنح لعالم من أصول فلسطينية، حيث تعود جذور عائلة ياغي إلى قرية المسمية الكبرى قضاء غزة، والتي دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 وهُجّر سكانها البالغ عددهم نحو 2500 نسمة آنذاك.
طفولة الصبر وشغف العلم
وُلد عمر مؤنس ياغي في عمّان عام 1965 لعائلة فلسطينية لاجئة، وعاش طفولة صعبة في بيت صغير مع تسعة من إخوته، بلا كهرباء ولا مياه دائمة. هذه المعاناة زرعت في قلبه دافعًا لإيجاد حلول علمية للعوز المائي والغذائي الذي يعيشه البشر.
في سن العاشرة، سحرته النماذج الجزيئية في مكتبة مدرسته، فقرر أن يفهم “لغة الذرات” التي تبني الكون، لتبدأ رحلته نحو العالمية.
من عمّان إلى بيركلي... رحلة الإصرار
هاجر إلى الولايات المتحدة في الخامسة عشرة من عمره، وبدأ من الصفر دون أن يتقن الإنجليزية، لكنه تفوّق حتى نال الدكتوراه من جامعة إلينوي عام 1990، ثم أسّس لاحقًا مجالًا علميًا جديدًا بالكامل هو الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، التي مكّنته من تصميم مواد بلورية دقيقة التركيب ذات خصائص غير مسبوقة.
علمٌ من أجل الإنسان
من أبرز ابتكاراته جهاز لاستخراج المياه من الهواء الجاف باستخدام طاقة الشمس فقط، حتى في الصحارى التي لا تتجاوز فيها الرطوبة 20%. وقد وصف لحظة مشاهدة قطرات الماء الأولى بأنها “من أجمل لحظات حياته، لأنها جعلته يشعر أنه يخلق حياةً في قلب الصحراء".
فلسطيني في سجلّ نوبل
يمثل فوز ياغي اعترافًا عالميًا بعبقرية فلسطينية حفرت طريقها رغم المنفى والفقد، ورسالة أمل لشعبٍ يواجه الإبادة والتهجير.
فمن قرية مدمرة إلى منصة نوبل في أوسلو، يثبت أن العلم هو الوجه الأجمل لفلسطين.
مبروك لشعبنا الفلسطيني العظيم، شعب العلم والعلماء، الأدب والأدباء، الشهداء والمناضلين الأوفياء.
فوز عمر ياغي ليس إنجازًا فرديًا، بل استعادة لكرامة وطنٍ لا يُقهر... وطنٍ يزرع نوره في مختبرات العالم، لا في ميادين القتل والظلم.