خاص| من الخيام إلى الركام.. الغزيون يعودون شمالًا بحثًا عن حياةٍ من رماد

2025-10-12 09:32:52

بعد إعلان وقف إطلاق النار وبدء الحديث عن ترتيبات العودة، يعيش آلاف النازحين في جنوب قطاع غزة حالة من الترقب والحنين إلى بيوتهم المدمّرة في شمال القطاع ومدينة غزة، حيث تختلط مشاعر الأمل بالخوف، والرغبة بالعودة بواقع الدمار الهائل الذي لم يُبقِ من معالم المدن سوى الركام.
وفي حديث خاص لــ"رايــة"، وصفت الصحفية هداية عصمت حسين من جنوب قطاع غزة، المشهد الإنساني المؤلم الذي رافق محاولتها العودة إلى منزلها في حي الشيخ رضوان، قائلة إنّها وجدت "شوارع مجرّفة وبيوتًا اختفت معالمها حتى لم يتبقّ من الركام ما يُعرف به المكان".

وأضافت أن قصتها هي "قصة الآلاف من المواطنين الذين يرغبون بالعودة إلى منازلهم في مدينة غزة أو شمال القطاع بعد سنوات من النزوح القسري".

وتابعت هداية: "بالأمس، توجهت مثل آلاف النازحين إلى شمال القطاع، تحديدًا إلى حي الشيخ رضوان في غرب مدينة غزة. حاولت أن أتعرف إلى المنطقة التي كنت أعيش فيها، لكنني لم أجد شيئًا. العمارة التي كانت مكونة من خمسة طوابق لم أجدها، ولا حتى ركامها بشكل واضح."

وأردفت: "وجدت شوارع مجرّفة بالكامل، وملامح المكان اختفت تمامًا. لم أتعرف على شيء مما كان هنا. شعرت بالخيبة وعدت أدراجي إلى الجنوب، أجرّ خلفي ذات الوجع الذي يحمله كل نازح يريد فقط أن يرى أرضه حتى لو كانت تحت الركام."

وقالت إنّ كثيرًا من العائدين شاركوها ذات المشهد، مضيفة: "الناس كلها تتحدث الشيء نفسه على الطرق: بدنا نرجع بس يفتحوا الطرق، بدنا نلاقي ميّ. أزمة المياه هي أول ما يشغل الناس. الكل يقول إذا في ميّ، ممكن نرجع وننصب خيمنا هناك."

وأشارت إلى أن "العودة اليوم مختلفة عن العودة السابقة بعد اتفاق وقف إطلاق النار في يناير الماضي"، موضحة: "في المرة السابقة كان هناك من استطاع أن يرجع إلى بعض البيوت أو إلى منازل أقارب، أما الآن فالأغلب لم يجد مكانًا يعود إليه. الدمار شامل، والمشهد أقسى من أن يُوصف."

وقالت هداية: "كنت أقف عند مفترق الشيخ رضوان، المنطقة التي كنا نرى منها بركة الشيخ رضوان وامتداد العمران السكني. اليوم، لا أرى شيئًا سوى الأرض الفارغة، ومن بعيد يمكن رؤية المستوطنات في الداخل المحتل. شيء مؤلم جدًا."

وأضافت بحرقة: "النازحون يريدون أن يعودوا حتى لو إلى ركامهم، حتى لو فقط ليضعوا خيمتهم في مكان بيتهم السابق. لأن الإنسان، عندما يكون في غير منطقته، يشعر أنه لا ناقة له ولا جمل، حتى لو لم يبقَ له بيت، يريد أن يشعر أن مدينته ما زالت تحويه."

واختتمت حديثها قائلة: "ذهبت بحماس وخوف وترقب، مزيج من مشاعر الفرح بوقف شلال الدم، والخوف مما سأراه. مشاعر الناس الآن مختلطة، أبلغ من أن تُقال. كما قلت سابقًا، هناك مشاعر تُعاش ولا تُقال، وهذا ما يعيشه أهل غزة الآن بكل تفاصيله."