"وحياً عربياً".. منصة فلسطينية لتعليم الأطفال القراءة العربية السليمة

2025-10-21 13:38:21

في زمنٍ باتت فيه اللغة العربية الفصحى غريبة في أوطانها، تائهة بين اللهجات المحلية ووسائل التواصل التي همّشت جمالها ودقّتها، تبرز مبادرة فلسطينية تحمل أملاً جديداً في إحياء الوعي اللغوي لدى الأجيال الناشئة.

إنها منصة "وحياً عربياً" التي أسستها الشابة يمنى عمار من مدينة الخليل، لتكون جسراً يربط الأطفال بلغتهم الأم، ويمنحهم القدرة على القراءة الصحيحة والفهم السليم منذ الصغر.

تقول عمار في حديثها لشبكة رايـــة الإعلامية إن فكرة المنصة بدأت قبل ثلاث سنوات، عندما حاولت أن تبحث لابنها عن دورة تساعده على تعلم القراءة السليمة في عمر مبكر، لكنها فوجئت بعدم وجود مثل هذه الدورات في فلسطين، رغم حاجة الأطفال الماسّة إليها، خاصة بعد جائحة كورونا التي أضعفت مهارات القراءة لدى معظم الطلبة.

وتضيف: "حينها أدركت أن أطفالنا ليسوا أقل من غيرهم، لكنهم بحاجة إلى بيئة تعليمية تشجعهم على القراءة بالفصحى، فبدأت العمل على تأسيس منصة إلكترونية متخصصة."

وبعد عام من التحضير، أطلقت عمار منصتها "وحياً عربياً" التي تستهدف الأطفال من عمر أربع سنوات وحتى أربع عشرة سنة، عبر دورات إلكترونية فردية تُعقد عن بُعد، ما يمنح كل طفل فرصة التعلّم وفق قدراته الخاصة دون مقارنة أو ضغط جماعي.

وتوضح: "الدروس الفردية تتيح لي التركيز على مستوى كل طفل، فكل لقاء يختلف عن الآخر بحسب تطوره وقدرته على الاستيعاب."

وتعتمد المنصة على المنهج الرشيدي، وهو منهج متخصص لتعليم القراءة الصحيحة ومخارج الحروف وصفاتها، بما يؤهل الطفل لمرحلتين أساسيتين: التفوق الدراسي، والتمكن من قراءة القرآن الكريم وتعلم أحكام التجويد.

وتقول عمار: "القراءة السليمة تنعكس تلقائياً على الإملاء والفهم، وتمنح الطفل ثقة كبيرة في النطق والكتابة."

ومن خلال التجربة، تشير إلى أن أكثر من 100 طفل استفادوا من برامج المنصة خلال العامين الماضيين، وحققوا تطوراً ملحوظاً في قدرتهم على القراءة والنطق السليم. كما لاحظ الأهالي تحسناً في تحصيل أبنائهم الدراسي ومهاراتهم اللغوية بشكل عام.

ورغم المخاوف التي يبديها بعض الأهالي تجاه التعليم الإلكتروني، تؤكد عمار أن التجربة أثبتت نجاحها: "دروسنا قصيرة ومركّزة، وتعتمد على التفاعل المباشر بين المعلمة والطفل، مما يجعل التعلم عبر الإنترنت فعالاً وممتعاً في الوقت نفسه."

المنصة اليوم تستقبل الأطفال من داخل فلسطين وخارجها، حيث يمكن للطلبة العرب في أي مكان الانضمام إليها. وتستقبل الإناث من عمر 4 إلى 16 عاماً، بينما تستقبل الذكور حتى عمر 11 عاماً، على أمل توسيع الفئات مستقبلاً.

تختم عمار حديثها قائلة: "نطمح أن يكون هذا الجيل مختلفاً؛ جيلاً يتقن لغته الأم ويعتز بها. فالقراءة ليست مجرد مهارة، بل هي مفتاح الوعي، وبداية كل علم."

بهذه المبادرة، تثبت "وحياً عربياً" أن اللغة العربية لا تزال حيّة، تنتظر فقط من يؤمن بها، ويمنحها صوتاً نقيّاً ينطق بها كما وُجدت: لغة فخر وهوية وانتماء.