المرأة الفلسطينية: نضال لا يُختزل بيوم
في السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، يطلّ يوم المرأة الفلسطينية ليذكّرنا أن قصة هذه الأرض لا تُروى من دون النساء اللواتي كتبنها بالحبر والدم والعرق. يومٌ لا يحتفي فقط بإنجازات النساء، بل يفتح أيضًا نوافذ الوعي على حجم التحديات التي ما زالت تحاصر حضورهن في الفضاء العام، وفي تفاصيل الحياة اليومية.
منذ البدايات، لم تكن المرأة الفلسطينية متفرجة على التاريخ، بل كانت في صُلب صناعته. حملت البندقية بيد، والمحراث باليد الأخرى، وحمت الأسرة، والذاكرة، والهوية في أحلك الظروف. من الأمهات اللواتي يزرعن الصبر في ساحات الانتظار أمام المعتقلات، إلى الشابات اللواتي يقتحمن اليوم مجالات السياسة والاقتصاد والتقنية والبحث العلمي رغم القيود، جميعهن وجوه مختلفة لامرأة واحدة: فلسطينية
لكن خلف هذا المجد المعلن، هناك معارك صامتة تخوضها النساء كل يوم في مواجهة الاحتلال والعنف البنيوي، والفقر، والتمييز الاجتماعي، والبطالة التي تتربص بأحلامهن. لا يمكن فصل نضال المرأة عن النضال الوطني، ولا عن معركة العدالة الاجتماعية التي تضمن المساواة في الحقوق والفرص والتمثيل. فتمكين المرأة الفلسطينية ليس شعارًا تجميليًا، بل ضرورة وطنية وتنموية ترتبط بقدرة المجتمع على الصمود والبقاء.
إن يوم المرأة الفلسطينية يجب أن يكون يوم مراجعة لا مجرد احتفال؛ مراجعة للسياسات التي ما زالت تقيد وصول النساء إلى مواقع صنع القرار، وتحدّ من مشاركتهن الاقتصادية، وتقصي أصواتهن من الحوار العام. إنه يوم للمطالبة لا للمجاملة، للتفكير في المستقبل لا للتغني بالماضي.
ففي ظل واقع يتقاطع فيه الاحتلال والتمييز والحرمان الاقتصادي، تصبح المرأة الفلسطينية رمزًا للمقاومة المركّبة: مقاومة الاحتلال العسكري، ومقاومة الإقصاء الاجتماعي، ومقاومة الصمت المفروض على الألم.
وفي المقابل، فإن فلسطين تملك اليوم جيلًا جديدًا من النساء اللواتي يعدن تعريف القوة؛ قوة لا تُقاس بالسطوة، بل بالقدرة على بناء بدائل إنسانية عادلة. نساءٌ يكتبن نصًا جديدًا للحرية: حرية الجسد، والاختيار، والفكر، والقرار.خ