خاص| تضارب الأنباء حول لجنة إدارة غزة وسط غياب فتح عن اجتماعات القاهرة
تضارب الأنباء حول تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة يثير تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية الفلسطينية، وسط حديث عن تدخلات إقليمية ودولية في اختيار الأسماء وآليات عمل اللجنة.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، أوضح أستاذ العلوم السياسية الدكتور أيمن الرقب أن غياب حركة فتح عن اجتماعات القاهرة الأخيرة انعكس سلبًا على فرص التوافق، مشيرًا إلى أن ما يجري حاليًا “تجاذب سياسي معقّد تتداخل فيه أطراف فلسطينية وإسرائيلية وأمريكية”.
وقال الرقب، إن “غياب حركة فتح عن اجتماعات القاهرة أمر محزن للغاية، خاصة أنها كانت تاريخيًا صاحبة المشروع الوطني، ودائمًا ما تعتبر نفسها ‘أم العروس’ في القضايا الفلسطينية”، معتبرًا أن غيابها “ترك فراغًا في قلب الحدث كان من الواجب أن تكون هي من يقوده”.
وأوضح الرقب أن “هناك أسماء متداولة لتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، لكنها لم تُؤكَّد رسميًا بعد”، مضيفًا أن “التصريح الوحيد الواضح صدر عن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي قال إن هناك 15 اسمًا تم التوافق عليها، وحصلت على موافقة إسرائيلية، أي أن الأمر تجاوز مرحلة النقاش الفصائلي إلى موافقات إسرائيلية وأمريكية”.
وأشار إلى أن “القضية الفلسطينية تمرّ اليوم بمرحلة خطيرة جدًا من التدخل الدولي، حيث أصبحت حتى مسألة تسمية اللجنة تخضع لتأثيرات إسرائيلية وأمريكية وأطراف أخرى”.
وبيّن الرقب أن “غياب حركة فتح جعل الفصائل التي حضرت الاجتماعات تصدر بيانًا يؤكد أهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، إلى جانب أهمية الحفاظ على السلطة الفلسطينية، في وقت تحاول إسرائيل شطب كلٍّ من المنظمة والسلطة معًا”.
وأضاف أن “المرحلة الحالية معقدة لكنها واضحة المعالم، وتحتاج إلى قائد يتقدّم الصفوف، كما كان يفعل الرئيس الراحل ياسر عرفات”، موضحًا أن “الرئيس محمود عباس لم يحضر الاجتماعات لأسباب خاصة، فيما مثّله نائب الرئيس حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وقد أكدا أنهما جاءا للاستماع فقط دون امتلاك صلاحية اتخاذ القرار”.
وكشف الرقب أن “القاهرة تخطط لعقد اجتماع موسّع مطلع الشهر القادم، تُدعى إليه حركة فتح مجددًا لإطلاق المرحلة السياسية الجديدة بشكل رسمي”، مضيفًا أن “غياب فتح والسلطة عن هذه المرحلة أمر بالغ الخطورة”.
وأشار إلى تصريحات قياديين من فتح، أبرزهم عبد الفتاح دولة، الذي قال إن “رؤية الحركة هي أن يكون عنوان اللجنة وزيرًا من حكومة محمد مصطفى، حفاظًا على وحدة الحالة الفلسطينية”، مضيفًا أن “هذا الطرح يحتاج إلى ترتيبات معقّدة في ظل الرفض الإسرائيلي والأمريكي لذلك”.
وتابع الرقب: “اليوم لم تعد الرفاهية ممكنة في الموقف الفلسطيني، فالوقت لا يحتمل ترف الرفض والمساومات، والمطلوب من الجميع التضحيات، خاصة من حركة حماس التي تتعرض لضغوط كبيرة للقبول بالمقترحات المطروحة، رغم ما فيها من تحفظات، لأن البديل هو الدم، واستمرار القتل والمعاناة”.
وعن الشروط التي تُطرح أمام أعضاء اللجنة المحتملين، أوضح الرقب أن “النقاشات غير الرسمية بين الفصائل تناولت أن تكون اللجنة مكوّنة من تكنوقراط مستقلين غير منتمين رسميًا لأي فصيل، وأن يكون جميع أعضائها من سكان غزة الذين عاشوا فترة الحرب داخل القطاع”، مشيرًا إلى أن “بعض الأسماء المتداولة حاليًا لا تنطبق عليها هذه الشروط لأنها ليست مقيمة في غزة”.
وأضاف أن “الأسماء التي تُرشَّح تمرّ بعملية فلترة واسعة، إذ يجب أن تحظى بموافقة الفصائل أولًا، ثم إسرائيل والولايات المتحدة، وربما أطراف أوروبية أيضًا”، لافتًا إلى أن “الفصائل هي من تقدّم الترشيحات الأولية، بينما تناقش الأطراف الدولية الأسماء لاحقًا”.
وفي ختام حديثه، قال الرقب إن “عدم التوافق الفلسطيني على اللجنة قد يفتح الباب لتدخل خارجي في تشكيلها، لكن ذلك سيكون خطيرًا للغاية”، مؤكدًا أن “أي لجنة تُعيَّن بموافقة الاحتلال ستفشل حتمًا، لأنها ستُعتبر أداة تابعة له، تمامًا كما حدث مع قوات سعد حداد في لبنان”، مضيفًا: “لا أعتقد أن أي فلسطيني سيقبل أن يأخذ الإذن من الاحتلال لقيادة شعبنا الفلسطيني”.