خاص| إسرائيل تمارس سياسة "التجويع والتدمير" لإخضاع غزة بعد فشلها العسكري والسياسي
في ظل تعثّر المساعي السياسية واستمرار المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، يرى محللون أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو باتت تلجأ إلى إجراءات عقابية قاسية ضد سكان القطاع، في محاولة لفرض أمر واقع بعد فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، قال المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عمار جعارة إن إسرائيل لا تملك اليوم سوى "سلاح التجويع والتدمير" لتقويض صمود الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن نتنياهو يعيش مأزقًا داخليًا وخارجيًا متصاعدًا.
قال الدكتور عمار جعارة إن إسرائيل، وعلى لسان محللين وخبراء إسرائيليين أنفسهم، تقرّ بفشل رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب على قطاع غزة، واصفًا إياه بأنه "رجل فاشل وقاتل لا يتعامل مع المعطيات كما هي".
وأضاف أن الإسرائيليين يعترفون بأن "نتنياهو لم يحقق أي إنجاز سياسي أو عسكري، وأن ما تبقى أمامه من أدوات للضغط على غزة هو التجويع والتعطيش وهدم ما تبقى من البنية المدنية في القطاع"، موضحًا أن أكثر من 90% من الأبنية دُمّرت بالكامل، "حتى أن كوشنر قال بالحرف الواحد عبر قناة إسرائيلية إن غزة ضُربت بما يعادل أكثر من قنبلة نووية واحدة".
وأشار جعارة إلى أن ما يريده نتنياهو الآن هو "معاقبة السكان والنساء والأطفال"، موضحًا أن إسرائيل فشلت في إقناع العالم بأنها لا تمارس سياسة التجويع، كما فشلت في إقناع المجتمع الدولي بأن حركة حماس منظمة إرهابية، مضيفًا أن ما ترسخ في الوعي العالمي هو أن حماس "تقاتل من أجل حرية شعبها".
وأوضح أن هذا التحول في الرأي العام العالمي تجلّى في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح ضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وهو ما اعتبره نتنياهو "صفعة سياسية" دفعته إلى تصعيد عملياته العسكرية ضد المدنيين في القطاع.
ولفت إلى أن الإجراءات العقابية الإسرائيلية تتجلى اليوم في تقليل عدد شاحنات الغذاء إلى غزة، وإغلاق معبر رفح، والتحكم في إدخال الوقود والمساعدات الطبية، متسائلًا: "لماذا تتواجد إسرائيل في معبر رفح وهو أرض فلسطينية مصرية؟".
وأضاف جعارة أن نتنياهو لا يملك من وسائل السيطرة سوى التحكم في الطعام والمياه والوقود والمستشفيات، معتبرًا أن كل هذه السياسات تأتي في إطار محاولة "كسر إرادة المقاومة التي ما زالت تحتفظ بأوراق قوة ميدانية، منها ملف الأسرى الإسرائيليين".
وقال إن حتى قادة اليمين الإسرائيلي مثل أفيغدور ليبرمان اعترفوا بفشل نتنياهو، إذ صرّح من على منبر الكنيست قائلاً: "نتنياهو لم يحقق أي انتصار خلال عامين من القتال، فهل يحتاج إلى ثمان سنوات أخرى ليهزم المقاومة؟"
وفيما يتعلق بخطاب نتنياهو الأخير والتسريبات الإسرائيلية حول نوايا التصعيد، أوضح جعارة أن الإعلام الإسرائيلي "أجاز تنفيذ عملية عسكرية محدودة في رفح ردًا على مقتل جندي إسرائيلي"، لكنه أضاف أن "نتنياهو لا يلتزم عادة بأي اتفاق أو تعهد سبق أن وقّع عليه، مثل إدخال الكرافانات والجرافات و600 شاحنة من المواد الغذائية بعد اتفاق تبادل الأسرى الأخير، رغم حصوله على أكثر من 20 جنديًا إسرائيليًا أسيرًا بحالة جيدة".
وأكد أن المشاهد التي بثها الإعلام الإسرائيلي نفسه، والتي أظهرت أحد الجنود الإسرائيليين وهو يقبّل رأس مقاتل فلسطيني، كشفت حقيقة الوضع الميداني، ودحضت رواية نتنياهو عن "انتصار وهمي" على المقاومة.