الرؤية الفتحاوية للعمل النقابي تنتصر
لطالما شكّلت النقابات المهنية والأطر النقابية أحد الأعمدة الأساسية للثورة الفلسطينية، فهي لم تكن مجرد هيئات تنظيمية للمهنيين، بل كانت منبرًا للتعبير عن الرأي الوطني وصون الحقوق ومواجهة الاحتلال، وساحة لصقل الوعي الوطني والمشاركة السياسية. ولم تقف عند حدود التنظيم المهني، بل شاركت في كل معارك الثورة الفلسطينية، وكانت جزءًا أصيلًا من النضال الوطني ضد الاحتلال، ومصدرًا للقوة والدعم للثوار وللشعب الفلسطيني في كل محطات المقاومة. وفي هذا السياق، تأتي انتخابات النقابات الحالية لتؤكد استمرار هذا الدور الحيوي، وتجدد ثقة شرائح المهنيين والمثقّفين بحركة "فتح" وخطها الوطني، بما يعكس ارتباط العمل النقابي بالمشروع الوطني الوحدوي، الذي تسعى الحركة لتفعيله من خلال كل مؤسساتها وأطرها التنظيمية.
يشكّل فوز حركة "فتح" الكاسح في النقابات المهنية المختلفة ( نقابة المحامين، نقابة الأطباء، نقابة الطب المخبري، نقابة الأطباء البيطريين، ونقابة أطباء الأسنان )محطة مفصلية في مسار العمل الوطني والتنظيمي للحركة، ورسالة واضحة بأن حضورها الشعبي ما زال راسخًا رغم كل التحديات، وهذه الانتصارات ليست مجرد نتائج انتخابية، بل تعبير عن إيمان الشرائح المثقفة والمهنية بفتح وخطّها الوطني، وتجديد للثقة بدورها التاريخي في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، فالقطاعات النقابية لطالما كانت مرآة للوعي الجمعي ومؤشّرًا لاتجاهات الرأي العام، وحين تختار هذه الفئات "فتح"، فإنها تعبّر عن تمسّكها بالبرنامج الوطني الجامع الذي مثلته الحركة منذ انطلاقتهاو لا زالت.
لقد لعبت مفوضية المنظمات الشعبية في حركة "فتح" بكل كوادرها، وعلى رأسهم المفوض الذي وصل الليل بالنهار، دورًا محوريًا في هذا الإنجاز، إلى جانب باقي المؤسسات الحركية، اللجنة المركزية، المجلس الثوري، المفوضيات، الأقاليم والمكاتب الحركية، فقد عملت هذه الكوادر بشكل منهجي لإعادة تفعيل وجود الحركة داخل النقابات، وتوحيد صفوف الكوادر النقابية، وتقديم خطاب مهني ووطني مسؤول يعكس هموم العاملين في القطاعات المختلفة، ضمن رؤية الحركة التي تعبّر عنها المفوضية، والتي تنسجم مع المشروع الوطني الوحدوي القائم على الشراكة والعمل الجماعي، بعيدًا عن الانقسام والتجاذبات، إيمانًا بأن وحدة المؤسسات الشعبية هي ركيزة وحدة الشعب الفلسطيني وصموده.
وقد أثبتت فتح حضورها في كل نقابة على حدة، حيث عززت في نقابة المحامين تمثيل القانونيين وحرصت على استقلالية القضاء والمحاماة، وفي نقابة الأطباء ركّزت على تطوير القطاع الطبي ورفع كفاءة الخدمات الصحية مع تمثيل جميع الأطباء وحقوقهم، فيما نجحت في نقابات الطب المخبري والأطباء البيطريين وأطباء الأسنان في توحيد الصفوف وضمان تمثيل المهنيين وصوتهم في صنع القرار، مع الحفاظ على القيم الوطنية والالتزام بخدمة المجتمع الفلسطيني.
وفي هذا السياق، تتوجّه حركة "فتح" بالتحية والتقدير لكلّ منتسبي النقابات بغض النظر عن ميولهم السياسية والجزيبة، مع الإشادة بالالتزام الصلب لكوادر فتح داخل النقابات، الذين شاركوا في العملية الانتخابية وساهموا في ترسيخ قيم الديمقراطية الحقيقية والتداول الحرّ للإرادة النقابية، مؤكدين أن العمل النقابي جزء أصيل من النضال الوطني الفلسطيني. كما تؤكد كل كتل "فتح" في النقابات المشار إليها سابقًا أنّها ستعمل من موقعها لخدمة جميع المنتسبين دون تمييز، واضعةً المصلحة العامة فوق أي انتماء فصائلي، ومؤمنة بأن قوة النقابات تكمن في وحدتها، وفي قدرتها على الدفاع عن حقوق أعضائها وتمثيلهم بشفافية ومسؤولية.
إن ما تحقق في النقابات هو بداية لمسار أوسع من النهوض التنظيمي والسياسي والمجتمعي، يعيد للحركة حضورها بين الناس، ويؤكد أنّ "فتح" ما زالت قادرة على تجديد ذاتها والانفتاح على جماهيرها، لتبقى كما كانت دائمًا،حركة الشعب وقلب الوطن. وفي ختام هذا الإنجاز، لا يسعنا إلا أن نُجَدّد التقدير والاعتزاز بالشعب الفلسطيني العظيم، الذي التفّ حول "فتح" واحتضنها رغم الظروف الصحبة التي تمر بها فلسطين وكل محاولات التشويه والحملات التي ينتهجها العدو الصهيوني وأبواقه. إن صمود هذا الشعب وإيمانه بخيار فتح الوطني يثبت مرة أخرى أنّ الإرادة الفلسطينية لا تُقهَر، وأن الوحدة الوطنية والمشروع الوحدوي هما السبيل الحقيقي لتحقيق الحرية والكرامة.