خاص | باحث اقتصادي يدعو إلى “انفكاك اقتصادي ذكي” عن إسرائيل

2025-11-08 14:34:23

أكد الباحث الاقتصادي من معهد أبحاث السياسات الاقتصادية “ماس” مسيف مسيف، أن تحقيق الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل لا يتطلب مواجهة مباشرة أو تعديل بروتوكول باريس الاقتصادي، بل اتباع سياسات اقتصادية جريئة تقوم على دعم الإنتاج المحلي، وتشجيع الاستيراد المباشر من دول بديلة، ووضع خطة وطنية لتقليل الاعتماد على السوق الإسرائيلية تدريجياً.

وأوضح مسيف في حديث لبرنامج "نبض الاقتصاد" عبر شبكة رايـــة الإعلامية أن الحل يبدأ من تشجيع استبدال الواردات عبر استيراد السلع من أطراف ثالثة غير إسرائيل، إلى جانب إحلال الواردات من خلال استهلاك سلع فلسطينية محلية بدلاً من المستوردة.

وقال: “نحن لا نحتاج إلى تعديل بروتوكول باريس، بل إلى سياسات واقعية تعزز الإنتاج المحلي وتغير أنماط الاستهلاك الفلسطيني.”

وأشار مسيف إلى أن نحو 52% من واردات السوق الفلسطينية لا تزال تأتي من إسرائيل، رغم تراجع النسبة من 75% في العقد الماضي، لافتاً إلى أن هذا التراجع “لم ينعكس فعلياً على قيمة الواردات التي ما زالت مرتفعة”.

وأضاف أن فلسطين تستورد قرابة 4200 سلعة مختلفة، من بينها 36 سلعة أساسية تُستورد من إسرائيل بقيمة مليار دولار سنوياً، رغم أن إسرائيل لا تنتج 28 سلعة منها فعلياً، إذ تقوم بإعادة تصديرها فقط إلى السوق الفلسطينية.

وبيّن مسيف أن بين هذه السلع الأعلاف والأسمدة الزراعية والأدوية البيطرية والمشروبات الغازية، مؤكداً أن “الكثير منها يمكن إنتاجه محلياً بقدرات فلسطينية متوفرة”.

ودعا إلى تأسيس وحدة خاصة في وزارة الاقتصاد الوطني تُعنى بمتابعة الاستيراد المباشر، وتعمل على حصر السلع والمستوردين وإعادة توجيههم نحو أسواق بديلة خارج إسرائيل، مشدداً على أهمية “تغيير السلوك التجاري الفلسطيني الذي يغذي الاقتصاد الإسرائيلي”.

كما شدد الباحث الاقتصادي على ضرورة أن تمنح الحكومة حوافز استثمارية خاصة لإنتاج السلع البديلة، قائلاً: “الحوافز لا تعني خسارة للخزينة، بل استثماراً ذكياً يحرك الادخار الراكد نحو الاستثمار المنتج ويزيد من إيرادات الضرائب والتشغيل.”

وأوضح مسيف أن الحلول المطروحة لا تحتاج إلى تعديل اتفاقيات سياسية، بل إلى إرادة اقتصادية وطنية وسياسات صناعية واضحة تقوم على التنسيق بين الوزارات المختلفة، مشيراً إلى أن غياب هذه الرؤية المشتركة يعطل تنفيذ كثير من المبادرات الاقتصادية.

وختم مسيف حديثه بالتأكيد على أن الانفكاك الاقتصادي لا يتحقق بقرار سياسي أو مواجهة علنية، بل عبر خطوات ذكية ومدروسة، تبدأ بتشجيع الإنتاج المحلي، وتنظيم الاستيراد، وتغيير ثقافة الاستهلاك لدى المواطن الفلسطيني.