استخلاص العبر

2025-11-08 21:46:48

الشعوب الحية تقف وقفة تأمل لاستخلاص العبر مما حل بها من أزمات وحوادث هزت أركانها ولها ارتداداتها طويلة الأمد، حيث تجلس عقول وازنة وأصحاب رأي للتقييم والنقاش واستخلاص العبر، وهذا ليس فقط شأن سياسي على أهميته، بل هو اقتصادي وتربوي وثقافي ورياضي ويتعلق بأزمات وكوارث أيضاً.

ولو جلس الحكماء والعقلاء لاستخلاص العبر يرتد بعضهم ليصبح جزءاً من المشكلة والأزمة وليس جزءاً من الحل والرؤية المستقبلية، بحيث يذهب صوب المربع الأول الذي لا نخرج منه، وغالباً لا نجلس وكأننا فريق عمل بل نذهب باتجاه فرق، كلٌ يصر على ما يرى، وهنا نعود الى أصل المصيبة مظهرياً ونظرياً، نقول: نحن متجردون من كل الخلفيات وقادمون بعقل وقلب مفتوح. وفجأة تصبح الأمور غير ما أُعلن بداية.

الازمة الكبرى لها ارتداداتها، أولياء الأمور قلقون على مستقبل ابنائهم التعليمي والى أين ستصل الأمور في ضوء الوضع العام، يدور النقاش حول الأمر فنجد أنفسنا أقطاباً كلٌ يناقش ولكن خارج جوهر الأمر، نتيجة اسقاطات لدينا متناسين الظرف العام مالياً واقتصادياً، منا من يريد مطباً باب المدرسة وكأن هذا سيسعف العملية التربوية ويطمئن بالنا، هذا أمر ممكن ولكن الأخطر ما جئنا من أجله ولم نسعف انفسنا بإيجاد تصور، ولم نستطع استقطاب خبراء التربية في دائرتنا الذين ينفضّون من حولنا لأن النقاش يذهب باتجاهات لا تسعف الخبراء للتدخل.

ولا نتجرأ على استخلاص العبر من سلوكنا الذي يؤثر سلبياً على تعزيز وترويج المنتجات الفلسطينية، ونصر على «عنزة ولو طارت»، وهذا جزء من عدم استخلاص العبر. لا يُعقل أن نعتبر منتجاً فلسطينياً ليس فلسطينياً لأن عواطفنا وتوجهاتنا كذلك، بينما واقع الأمر يقول إن مدخلات الانتاج فلسطينية والأيدي العاملة كذلك ورأس المال، لا نلوم أحداً يفضل منتجاً على آخر، وهذا هو هدفنا أن تظل دائرة الخيارات فلسطينية فقط.

*منطقياً هناك تفاوت في القدرات بين خطباء المساجد، وهذا ليس تقليلاً من أهمية أحد، ولكن جزءاً من استخلاص العبر أن عيون وآذان الناس كانت تتجه صوب الخطباء في المساجد في ظل الأزمة، ومنهم من لم يتمكن من طرح الموضوع بعمق وليس الموضوع السياسي ولا الاقتصادي، بل حتى القضايا الفقهية، وهناك من استطاع أن يسبر غور هذه القضايا، واليوم لا بد من استخلاص العبر حول دور المنبر في خضم الأزمة واستخلاص العبر، هل نحمّله فوق ما يحتمل؟ حتماً لا، لأننا لا نريده منبراً سياسياً ولا اقتصادياً نريده أن يلامس قضايا وشؤون الناس، ويوجههم لأهمية إعادة تقييم سلوكهم وتصويبه.

*استوقفني معبراً عن إعجابه بالنقلة النوعية في البنية التحتية والفوقية في مدينة رام الله وبدأ يعبر عن رأيه ومشاعره، فرحت ولكنني تعلمت شيئاً مهماً وهو أن جوهر عملك يجب أن يكون تعبيراً عن احتياج مجتمعي وأولوية، وهذا ما يقود الى النتيجة الصحيحة والدقيقة، وهنا تبرز اهمية التخطيط والرؤية المستقبلية والانفتاح على رأي المجتمع المحلي.

قوى المجتمع الفلسطيني، وليس المقصود فقط قواه السياسية، بل المجتمعية والعمالية والنسوية والتربوية والشبابية والاكاديميون والمثقفون يجب أن تضغط باتجاه استخلاص العبر، باتجاه استعادة تفعيل الأطر القيادية وعدم حجبها وتحييدها، كي تشكل صمام أمان لصناعة القرار، التوقف عن الاستخفاف بالرأي الآخر بغض النظر عن مستواه ومحتواه، وتعزيز دور ومكانة مؤسسات المجتمع المدني بغض النظر عن أثرها وتأثيرها إبان الأزمة وارتداداتها.