نقص البروتين في الجسم.. طبيب أسرة يكشف لراية أبرز أضراره الصحية والكمية اليومية المطلوبة
يُعدّ البروتين أحد أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان للحفاظ على توازنه الصحي وبناء أنسجته ودعم جهازه المناعي، لكن نقصه قد يؤدي إلى سلسلة من الاضطرابات الخطيرة تبدأ من ضعف العضلات وتساقط الشعر، وقد تصل إلى أمراض الكبد والكلى وسوء التغذية المزمن.
و في حديث خاص لـ"رايــة""، تحدث طبيب الأسرة الدكتور سمير شماسنة عن أهمية البروتين ووظائفه في الجسم، محذرًا من مضاعفات نقصه ومؤكدًا ضرورة اتباع تغذية متكاملة ومتوازنة في مختلف المراحل العمرية.
قال شماسنة إن البروتين يُعدّ أحد المكونات الأساسية في جسم الإنسان، ويلعب دوراً محورياً في بناء العضلات ومكافحة الأمراض ونقل العناصر الغذائية والهرمونات داخل الجسم، موضحاً أنه موجود في بلازما الدم وله أهمية في دعم الجهاز المناعي والمساعدة على تخثر الدم والحفاظ على توازن السوائل.
وأضاف أن البروتينات في الدم تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية؛ أبرزها الألبومين الذي يشكّل نحو 55% من بروتينات الدم ويحافظ على ضغط الدم ونقل الهرمونات والدهون، والجلوبولين بنسبة 38% المسؤول عن مقاومة العدوى وتكوين الأجسام المضادة، والفايبرينوجين بنسبة 7% الضروري لتجلط الدم.
وأوضح أن ارتفاع البروتين لا يُعد مرضاً بحد ذاته، بل قد يكون مؤشراً على حالة صحية معينة، بينما نقصه يشكّل خطراً حقيقياً، إذ يؤدي إلى سوء تغذية وأمراض في الكبد والكلى والتهابات في الأمعاء وتورم في البطن والأطراف نتيجة احتباس السوائل.
وأكد أن نقص البروتين ينعكس أيضًا على صحة الشعر والجلد والذاكرة، ويُسبب الإرهاق العام وفقدان الكتلة العضلية وهشاشة العظام، مشيراً إلى أن الأطفال يعانون من تأخر النمو ونقص الوزن، وهو ما يعدّ مؤشراً مقلقاً على مستوى صحي جماعي.
وتابع د. شماسنة أن النساء الحوامل أكثر الفئات تأثراً بنقص البروتين، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض وزن المواليد الجدد إلى نحو كيلوغرام واحد فقط عند الولادة، بسبب سوء تغذية الأمهات خلال الحمل، وهو ما وصفه بـ"أزمة غذائية خطيرة تطال الأجيال الجديدة في غزة".
وأوضح الطبيب أن مصادر البروتين تنقسم إلى حيوانية ونباتية، فالحيوانية تشمل البيض، واللحوم، والدواجن، والأسماك، والحليب، بينما تشمل النباتية البقوليات كالعدس والفول والحمص، والمكسرات، والبذور، والخضروات مثل السبانخ والبطاطا والفطر.
وقال: "إذا فُقدت هذه الأغذية كما هو الحال في غزة اليوم، فلن يتمكن الجسم من الحصول على حاجته اليومية من البروتين، وستظهر أعراض النقص تدريجيًا بعد فترات طويلة من الانقطاع".
وأشار د. شماسنة إلى أن الكمية اليومية المطلوبة من البروتين تختلف حسب الفئة العمرية والنشاط البدني، مبيناً أن الشخص البالغ يحتاج إلى 0.8 غرام بروتين لكل كيلوغرام من وزنه، أي أن من يزن 70 كيلوغراماً يحتاج نحو 56 غراماً يوميًا، وتزداد النسبة لدى الرياضيين.
وبيّن أن الجسم لا يُخزن البروتين، بل يستخدم الكمية التي يحتاجها فقط، وأن ما يزيد عن حاجته يُطرح خارج الجسم، مؤكداً ضرورة استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية لتحديد الكمية المناسبة لكل فرد.
وحول الوضع في غزة، قال د. سمير في حديثه لـ"راية":
"قلوبنا مع أهلنا في القطاع، فالوضع الصحي والغذائي هناك مأساوي بكل المقاييس، فالحصار منع دخول اللحوم والألبان والبيض، وحتى الطحين بات نادراً، وهذا يعني أن سكان غزة يعيشون حالة مجاعة حقيقية".
وأضاف أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى أمراض كبدية وكلوية وفشل في الأجهزة الحيوية نتيجة سوء التغذية، مشيراً إلى أن "الناس هناك يفقدون الوزن تدريجياً، ومع الوقت تظهر عليهم أعراض الخلل في الكبد والعضلات والعين والجهاز المناعي".
وأكد أن هذه الأزمة لا يمكن تجاوزها إلا بتدخل دولي عاجل يسمح بإدخال المواد الغذائية الأساسية إلى القطاع، قائلاً: "نحن أمام كارثة صحية وإنسانية تتطلب تضامناً إقليمياً وعالمياً قبل أن تتحول إلى انهيار شامل في البنية الجسدية والصحية للسكان".