البروفيسور معتصم عديلة يدعو إلى تأسيس علوم إنسانية جديدة تواكب التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
أطلق البروفيسور معتصم عديلة، أستاذ علم الإثنوميوسيكولوجيا ودراسات الثقافة والتحول الرقمي في كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة دار الكلمة، دعوة أكاديمية وفكرية تجديدية عميقة الأثر لتطوير واستحداث علوم إنسانية جديدة قادرة على مواكبة التحولات العميقة التي يشهدها العالم في زمن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي. وأشار عديلة إلى أنّ هناك فجوة معرفية متزايدة بين العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية والتكنولوجية، الأمر الذي يتطلب إعادة بناء الأسس المعرفية والفلسفية للعلوم الإنسانية لتستعيد قدرتها على تفسير الإنسان في ظل الثورة الرقمية المعاصرة.
جاءت هذه الدعوة خلال مشاركة بروفيسور عديلة في المؤتمر الثالث والثلاثين لدار الأوبرا المصرية والذي انعقد بالقاهرة قبل عدة أيام، تحت شعار "الموسيقى العربية في ظل التحول الرقمي... آفاق وتحديات." وقد قدّم عديلة خلال المؤتمر ورقة بحثية رؤيوية بعنوان: "رهانات الهوية وآفاق التجديد الموسيقي العربي في عصر الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي"، تناول فيها إشكاليات الهوية الثقافية والفنية العربية في مواجهة التحولات الرقمية من خلال مقاربة فلسفية وجمالية تدمج بين الأنثروبولوجيا الثقافية والإثنوميوسيكولوجيا والفكر الفينومينولوجي ونظريات الذكاء الاصطناعي الإبداعي.
ودعا بروفيسور عديلة إلى تحويل علم الإثنوميوسيكولوجيا إلى علم رقمي يجمع بين التحليل الميداني والخوارزمي، مع الحفاظ على الطابع الإنساني للتجربة، كما اقترح تأسيس علم جديد هو الميتاسونولوجي (Metasonology)، بوصفه إطارًا فلسفيًا ومعرفيًا لدراسة التحولات الصوتية في عصر الذكاء الاصطناعي، وتحليل العلاقة بين الصوت والذاكرة والهوية والوجود، مستندًا إلى تقاطعات الفينومينولوجيا والأنثروبولوجيا المعرفية ونظريات ما بعد الإنسان (Posthumanism) .
وقد لاقت هذه المقاربات تفاعلًا واسعًا وإشادة من الباحثين والمفكرين، نظرًا لما تمثله من محاولة تأسيسية لتجديد الحقول الإنسانية والفنية العربية في ضوء التحولات الرقمية المعاصرة، وإعادة تعريف علاقة الفكر الإنساني بالآلة، والفن بالذكاء الاصطناعي، بما يعيد للعلوم الإنسانية دورها الريادي في فهم الإنسان والعالم في زمن الثورة التقنية.
يجدر بالذكر أن البحث العلمي يحتل موقعًا محوريًا في مسيرة بروفيسور عديلة، والذي كرّس أبحاثه لدراسة أنثروبولوجيا الممارسات الثقافية والتراث العربي الفلسطيني من منظور إثنوميوسيكولوجي وفلسفي، مع اهتمام خاص بالتنظير الموسيقي العربي وفلسفته في الحضارة العربية الإسلامية حتى يومنا هذا، وبأبعاده السوسيولوجية والسيكولوجية والثقافية، إضافة إلى دراساته المقارنة بين الثقافات العالمية، وكذلك دراساته في الثقافة والتحول الرقمي. وقد أنجز بروفيسور عديلة خلال مسيرته البحثية ما يقارب (100) بحث ودراسة علمية تنوعت بين كتب وأبحاث محكّمة ودراسات أكاديمية مقدمة
لمؤتمرات عربية ودولية مرموقة، حيث شارك بما يزيد عن (120) مؤتمراً وندوة علمية على المستويين العربي والدولي بأوراق بحثية متخصصة. ويُعد بروفيسور عديلة من أبرز الباحثين العرب في أنثروبولوجيا الممارسات الثقافية. وتعتبر (موسوعة أنثروبولوجيا الممارسات الغنائية النسائية في فلسطين/ دراسة فلسفية، تأريخية ،بلاغية، إثنوميوسيكولوجية)، والتي تمثل أول عمل موسوعي على مستوى العالم يتناول أنثروبولوجيا هذه الممارسات من أبرز أعماله البحثية.
كذلك فقد شارك بروفيسور عديلة في كتابة موسوعة موسيقى العالم الصادرة عن المكتبة البريطانية، كما اختير ضمن لجنة الخبراء العرب للمشاركة في كتابة موسوعة ذاكرة العالم العربي - التوثيق الرقمي للتراث. كما يشغل عضوية عدد من المجالس العلمية الدولية، منها المنتدى البريطاني للإثنوميوسيكولوجيا (BFE). وقد حصل على العديد من شهادات التقدير والجوائز والمنح البحثية من مؤسسات عربية ودولية مرموقة، أبرزها جائزة البحث العلمي للعام 2024 على مستوى العالم العربي من المجمع العربي للموسيقى – جامعة الدول العربية تقديراً لإسهاماته البحثية المتميزة في حقل تخصصه. وقد مُنِحَت له هذه الجائزة عن مجمل دراساته وأبحاثه ومؤلفاته طوال مسيرته الأكاديمية