حجم الدمار بقطاع غزة غير مسبوق في التاريخ
كشفت التقارير بعد وقف الحرب أن حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة خلال العامين الماضيين غير مسبوق في التاريخ الحديث، وأن العدوان الإسرائيلي طال البشر والحجر والشجر وأتى على معظم البنى التحتية في القطاع وأن نحو 85% من مساحة القطاع تعرضت للدمار، بينما بلغت نسبة التدمير في مدينة غزة وحدها أكثر من 92% .
العدوان الإسرائيلي دمر حوالي 300 ألف وحدة سكنية تدميرًا كاملًا، وألحق أضرارًا جزئية بما يقارب 70% من المساكن الأخرى، فضلًا عن تدمير نحو 85% من شبكات الكهرباء، و70% من شبكات المياه والصرف الصحي، و85% من آبار المياه، وخمس محطات لتحلية المياه. كما تم تدمير قرابة 80% من منشآت القطاع الصحي و225 مقرًا حكوميًا وسبع جامعات ونحو 1660 مدرسة .
بينما يعاني الوضع الصحي بقطاع غزة صعوبة للغاية، وأن وقف إطلاق النار لم يرافقه فتح للمعابر وإدخال للمساعدات ولم يكون هناك أي تحسن في القدرة على إدخال المساعدات، وما زالت المؤسسات المعنية في تقديم الخدمات الصحية تواجه المعوقات نفسها وأنها تحتاج إلى وصول المساعدات قبل الحديث عن إعادة بناء المستشفيات في غزة حيث يواجه القطاع الصحي أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ الحديث، في ظل وجود 70 مليون طن من الركام ونحو 20 ألف جسم متفجر لم ينفجر .
وفي الوقت نفسه يعاني الاقتصاد الوطني الذي يمر بأزمة عميقة نتيجة الممارسات الإسرائيلية المستمرة، التي تشمل التصعيد الأمني في الضفة الغربية عبر اعتداءات المستوطنين، الى جانب حجب أموال المقاصة من قبل إسرائيل والتي تجاوزت 13 مليار شيكل، وهو ما يعتبر انتهاكا صارخا للأعراف والقوانين الدولية، ولما نصت عليه اتفاقية أوسلو، وأن هذا الحجز المالي أدى إلى عجز الحكومة عن دفع الرواتب بشكل كامل، مما انعكس سلبا على الحركة الاقتصادية وأداء مختلف القطاعات، وباتت الأزمة تؤثر على تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، وعلى قدرة الحكومة على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية .
الاحتلال دمر نحو 88% من الأراضي الزراعية ما سيجبر القطاع على استيراد المنتجات الزراعية خلال الفترة المقبلة، وبات من المهم استعادة وصول الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الطبية بشكل عاجل، وضمان حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم مع اتخاذ خطوات سياسية حقيقية نحو حل الدولتين، وإنه بسبب إغلاق معابر الشمال الرئيسية لم يصل الى مدينة غزة سوى إمدادات غذائية محدودة .
يجب العمل على مواصلة السماح الفوري بتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والدوائية إلى غزة دون قيود وتثبيت وقف العدوان والبدء العاجل في إغاثة المواطنين ورفع الركام وتوفير احتياجاتهم الأساسية مع حلول فصل الشتاء وضرورة تمكين دولة فلسطين من تولي إدارة شؤون القطاع بشكل كامل باعتبار ذلك خطوة أساسية نحو وحدة الأرض والشعب وترسيخ السيادة الفلسطينية على كامل التراب الوطني .
رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، بعد عامين متواصلين من حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الأوضاع الإنسانية والمعيشية ما تزال شديدة القسوة، فلا تزال الغالبية العظمى من السكان تعاني من النزوح والتشرد، وسط ظروف اقتصادية متدهورة، وفقر مدقع، ونقص حاد في الغذاء والمياه، إلى جانب حالة من القلق المستمر والخوف من تجدد العدوان في أي لحظة، ما يجعل التعافي والاستقرار أمرا بالغ الصعوبة .