نقطة ضوء: رسالة مفتوحة إلى الدكتور خالد العناني، المدير العام لمنظمة اليونسكو
سعادة المدير العام، تحية طيبة وبعد،
▪ انطلاقًا من واجب اليونسكو في حماية التعليم ومنع استخدامه أداة للتحريض والكراهية. أصبح من الضروري — بل والملحّ — أن تتدخل منظمتكم لمراجعة المناهج الإسرائيلية في المدارس والمعاهد والجامعات، لما تتضمنه من مخالفات خطيرة للمعايير الدولية.
▪إن هذه المناهج لا تُدرّس المعرفة ولا تصنع السلام، بل تزرع في عقول الأجيال الإسرائيلية مفاهيم خطيرة تقوم على نفي الآخر الفلسطيني تمامًا ثقافةً وهويةً ووجودًا، وتعتبره كائنًا أدنى يمكن قتله أو نفيه دون شعور أخلاقي أو إنساني. كما تلقن الطلبة أن فلسطين أرض بلا شعب وأن الشعب الفلسطيني “طارئ” أو “خطر يجب التخلص منه”، وتسعى بشكل ممنهج لتحريف التاريخ والجغرافيا بهدف محو فلسطين من الخريطة والسردية وتبرر استخدام القوة والعنف والهيمنة كوسيلة “طبيعية” لإدارة الصراع.
▪وتتعارض هذه المناهج بوضوح مع القوانين الدولية واتفاقيات السلام الهشة، بما فيها اتفاق أوسلو الذي يعترف ولو شكليًا بوجود شعب فلسطيني وحقوق سياسية، في حين تُصرّ المناهج الإسرائيلية على نفي هذا الوجود بالكامل. إنها بذلك تتحدى الاتفاقيات الدولية ولا تلتزم بها، وتغرس في أجيالها ثقافة رفض الآخر والتحريض المؤسسي والعنصرية المقننة.
▪وفي الوقت ذاته، يتعرض النظام التعليمي الفلسطيني لواحد من أشد فصول التدمير في العصر الحديث. تحولت مدارس وجامعات غزة إلى أنقاض، وقُتل معلمون وطلبة داخل مدارسهم وقاعاتهم، ومسحت جامعات عريقة من الوجود. وفي الضفة الغربية يتواصل القمع اليومي والاقتحامات والاعتداءات على المدارس، ويُغتال الطلبة ومعلموهم بشكل مباشر في مدارسهم وبيوتهم وأحيائهم دون وازع أو ضمير ، بينما تغلق السجون والزنازين الاحتلالية أبوابها على أعداد كبيرة منهم .
▪ ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي يضغط على الفلسطينيين لتغيير مناهجهم، بينما يتجاهل المناهج الإسرائيلية التي تزرع ثقافة العداء والكراهية. ومن هذا المنطلق، نطالب اليونسكو بإيفاد وفد مهني متخصص لفحص المناهج الإسرائيلية في المدارس والمعاهد والجامعات وإصدار تقرير دولي علني يحدد الانتهاكات والمضامين العنصرية والتحريضية، ووضع المناهج الإسرائيلية تحت الرقابة الدولية أسوة بما يُطلب من الجانب الفلسطيني.
▪فالتعليم الذي يبني أجيالًا على الكراهية والتحريض ونفي الآخر لا يمكن أن يكون شريكًا في صناعة السلام، والصمت على هذه المناهج هو صمت عن جذر الصراع نفسه. لذلك نطالب بالتحرك الفوري لتحصين التعليم من التحريض وحماية الأجيال القادمة من ثقافة العداء والعنصرية.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام .