خاص| المراهقة بين الحدود والتمرد: كيف يحافظ الأهل على احترام أبنائهم؟

2025-11-26 13:08:15

تناولت الأخصائية التربوية والإرشادية د. لما قنديل الإشكالات التي يواجهها الأهالي خلال مرحلة المراهقة، مؤكدة أن كثيرًا من الأهل يخشون فتح أي نقاش مع أبنائهم خوفًا من التمرد أو ردود الفعل الحادة، ما يدفعهم لتجنب المواجهة وتجاهل السلوكيات السلبية.

وقالت قنديل في حديث خاص لـ"رايـة"، إن عدم احترام المراهق لوالديه أو للكبار—سواء عبر الردود القاسية، أو الصوت المرتفع، أو لغة الجسد غير اللائقة—قد يكون علامة تطوّر طبيعية في هذه المرحلة نتيجة التغيرات النفسية والبيولوجية، لكنه يتحول إلى علامة خطر عندما يصبح السلوك متكررًا ودائمًا، وعندما تكون لغة المراهق الأساسية هي التقليل من الآخرين أو إهانتهم.

وأوضحت أن هذا السلوك لا يعني بالضرورة سوء تربية، مشيرة إلى أن الأساس التربوي السليم قد لا يمنع ظهور بعض التمرد الطبيعي لدى المراهق. لكنها أكدت أن الدلع المفرط أو القسوة المفرطة يلعبان دورًا رئيسيًا في تحويل السلوك العابر إلى مشكلة حقيقية. وأضافت أن بعض الأهالي يرسّخون هذا السلوك دون قصد منذ الطفولة، حين يسمحون للطفل بإهانة الأقارب أو السخرية منهم "بدافع المزاح"، ما يمحو الحدود الحمراء ويخلق نمطًا يصعب تغييره لاحقًا.

وبيّنت قنديل أن التجاهل يمكن أن يكون خطوة صحيحة في مواقف بسيطة وعابرة، لكنّه لا يمكن أن يكون الحل إذا كان السلوك متكررًا. وقالت إن على الأهل تجاهل الموقف لحظيًا فقط، ثم العودة للحديث مع المراهق بوضوح: "لقد تجاوزت الحدود". أما في حالات الخطر، فأكدت أن التجاهل يفاقم المشكلة ولا يعالجها.

وشددت على أن الوقت لم يفت أبدًا على تقويم السلوك، مؤكدة أن لدى الأهل مساحة واسعة لإعادة ضبط العلاقة والسلوكيات حتى عمر 17 عامًا، وبعد ذلك يصبح التصحيح ممكنًا لكنه يحتاج إلى وقت وجهد أكبر.

وأضافت أن التعامل الصحيح يبدأ ببناء علاقة أمان وثقة بين الأهل والمراهق، ثم وضع ضوابط أسرية واضحة تؤكد أن للبيت قوانينه واحترامه. وأكدت ضرورة المزج بين التفهم والحزم، عبر قول: "أنا فاهمك… لكنك تجاوزت الحدود". وأشارت إلى أهمية عدم التغاضي عن الاعتداء على الإخوة أو التقليل من الكبير أو الصغير، مع ضرورة تعليم الاعتذار بوصفه قيمة تربوية لا تنازل عنها.

وتحدثت قنديل عن دور المدرسة بوصفها "البيت الثاني"، مؤكدة أن تعزيز قيم الاحترام، والحد من التنمر، ومدح السلوك الإيجابي، جميعها عوامل تصنع فرقًا كبيرًا في شخصية المراهق. وانتقدت التركيز المبالغ فيه على العقاب، في مقابل غياب التكريم والاحتفاء بالطلاب الذين يظهرون تحسنًا أو يحققون تقدّمًا ملحوظًا في سلوكهم أو أدائهم.

واختتمت قنديل حديثها بالتأكيد على أن التعامل مع المراهق عملية مستمرة وليست حدثًا عابرًا، وأن ضبط السلوك يحتاج إلى مزيج من الوعي، والحدود، والدعم، والثقة، مع الإصرار على تعليم الاحترام بوصفه قيمة لا يمكن التنازل عنها.