خاص| خطة القوة الدولية تتعثر… وخلافات جوهرية على مهامها ودورها في غزة
تتزايد المؤشرات على تعثر المشروع الأمريكي الهادف إلى تشكيل قوة دولية في قطاع غزة، في ظل عراقيل إسرائيلية واضحة، وتراجع دول أعلنت استعدادها للمشاركة. ومع استمرار جرائم الاحتلال في غزة والضفة، وتواصل القصف والتدمير، يرى مراقبون أن “المرحلة الأولى” من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تُنجز أصلًا، وأن أي بحث في “المرحلة الثانية” يفتقر للثقة والوضوح.
وفي هذا السياق، يوضح الكاتب والباحث السياسي حمادة فراعنة في حديث خاص لـ"رايــة" ملامح الخلافات التي تعيق تقدم هذه الخطة، وكيف تتعامل حماس والفلسطينيون مع ما يُطرح دوليًا.
وقال فراعنة إن خطة الرئيس الأمريكي تمر بمراحل، لكن المرحلة الأولى لم تتحقق؛ فالاعتداءات الإسرائيلية ما زالت مستمرة، وعمليات القصف والخراب والإبادة ما زالت قائمة. وأضاف أن ما يجري في أنفاق وأحياء رفح، إضافة إلى ما يحدث في الضفة الغربية، يؤكد أن الاحتلال لم يلتزم بأي من متطلبات هذه المرحلة، وبالتالي لا يمكن الركون أو الاطمئنان لما تُطرحه واشنطن أو تل أبيب.
وأوضح في حديث خاص لـ"رايــة" أن الخلاف الجوهري الآن يدور حول مهام القوات الدولية المقترح نشرها في غزة: “هل ستأتي لحفظ الأمن؟ أمن مَن؟ أم ستُستخدم لقمع الشعب الفلسطيني وسلب سلاحه وقراره وكرامته؟”. وأشار إلى أن التجربة السابقة وكشف تفاصيل المرحلة الأولى يجعل الفلسطينيين أمام “خديعة واضحة”.
وتابع أن البرنامج الأمريكي–الإسرائيلي يضع شروطًا محددة تتعلق بطبيعة القوات وهويتها وأدوارها، وأن المستعمرة الإسرائيلية هي التي تحدد من يدخل ومن يُمنع، مستشهدًا برفض إسرائيل مشاركة تركيا رغم كونها أحد الأطراف الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار إلى جانب مصر وقطر.
وأضاف فراعنة أن هذا الغموض دفع دولًا كانت قد عبّرت عن استعدادها للمشاركة إلى التردد وربما التراجع، موضحًا أن الدول الإسلامية التي أبدت استعدادًا أوليًا كانت تنظر إلى مشاركتها باعتبارها خطوة للمساهمة في الاستقرار وتسهيل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، لكن الشروط الإسرائيلية نسفت ذلك.
وبخصوص الموقف الفلسطيني، قال إن حركة حماس تعاملت بإيجابية مع المقترحات المطروحة، وأن مستقبل سلاح المقاومة يُقرر فلسطينيًا، سواء عبر حكومة مستقلة أو إدارة فلسطينية متوافق عليها. وأكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لفرض شروط تهدف في جوهرها إلى حماية الاحتلال وتقويض حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وحول تراجع الزخم الدولي لدعم هذه القوة، أوضح فراعنة أن واشنطن تواجه معضلة أساسية: كيف يمكن التوفيق بين الخطوات الإسرائيلية على الأرض وبين الدفع نحو إدخال قوات أجنبية، “غالبها سيكون من دول إسلامية”، إلى قطاع غزة.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي تدخّل في هذا الملف بعد وصفه لنتنياهو بـ“الفاشل”، لعدم تمكن الاحتلال من تحقيق أهدافه في اجتياح غزة رغم التفوق العسكري وارتكاب المجازر بحق المدنيين. وقال إن الاحتلال فشل في ثلاثة أهداف رئيسية:
- إنهاء المقاومة الفلسطينية بما فيها حركة حماس.
- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون صفقة تبادل.
- تهجير سكان القطاع خارج فلسطين، فلم ينجح إلا في تهجير عشرات عبر رحلات محدودة.
وأكد فراعنة أن محاولة إسرائيل نقل الإخفاق العسكري إلى “إنجاز سياسي” هي جوهر الضغوط الأمريكية الحالية، وأن ما يُسوق سياسيًا لا يعكس حقيقة الواقع على الأرض.