“الختياريّة الفتحاويّة: ثقلُ التاريخ وخنجر النسيان” .

2025-12-02 08:29:44

▪️في زمنٍ تتقدّم فيه الجموع الشابّة إلى المنصّات، ويُرفع شعار المستقبل والدم الجديد، يخرج سؤالٌ مرٌّ كالعلقم: أين الجيلُ الذي صنع الحاضر نفسه؟ أين جيلُ ختياريّة فتح الذين تدثّروا تراب وطنهم المحتل، وحرسوا تفاصيله، وقادوا جماهيره، ونثروا بذور حركتهم في كل مكانٍ وموضعٍ منه، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل حماية المشروع الوطني، وعنوانُه: منظمة التحرير الفلسطينية؟ إن استحضار دورهم اليوم ليس مِنّة، ولا بهرجةً إعلامية، ولا بحثًا عن نفوذٍ وامتيازات، بل هو واجبٌ وطنيٌّ مقدّس، وإعطاءٌ للحقوق لمن حموا الوطن حين كانت معارك الصمود والثبات والشرعيات مشتعلةً ملتهبةً على أرضه الطهور.

▪️ختياريّة فتح الذين حملوا حركتهم على ظهورهم في الوطن المحتل ليسوا سرديةً رومانسية؛ إنهم حماتها وجنودها الميدانيون الشعبيون. وفي مقدّمتهم مؤسّسو لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في ثمانينات  القرن الماضي ، الذين جعلوا من فتح منصّةً شعبية تقود نضالها وتزرع جذورها في الشوارع والجبال والسهول والمقابر والبيوت والقرى والبلدات والمخيّمات والمدن. وهم الذين انتزعوا بوصلة العمل التطوعي من حضن الأحزاب اليسارية المختلفة، ووجّهوها نحو حركة فتح، وقادوا العمل الجماهيري إلى ميادين وساحات جديدة، فسارت المكانس والفؤوس والأقلام والأعلام في مساراتٍ موازيةٍ للنضال بشتى أشكاله، وتحوّلت أنشطتهم إلى مشاعل للحرية ومقاومةٍ حقيقية، وفعلٍ وطنيٍّ جمعيٍّ شامل، ومدرسةٍ تصنع الجند والقادة على حدّ سواء.

جالوا القرى كما يجول الدم في العروق؛ حملوا الفكرة من بيتٍ إلى بيت، ومن مدرسةٍ إلى جامعة، ومن زنزانةٍ إلى ساحة مواجهة. اعتُقلوا، نُفوا، فُرضت عليهم الإقامات الجبرية… لكنهم ظلّوا يحملون الفكرة كما يحمل الجنديّ سلاحَه. وساروا في الضفة الغربية وقطاع غزة كما يسير الضوء في العتمة، يحفظون مسالكها وأسماء ناسها كما يُحفظ القرآن في الصدور.

▪️ومع كل هذا المجد، لم يتذكرهم أحد في حركة فتح عندما عُقد مؤتمر الشبيبة الفتحاوية الأول قبل أيامٍ في مدينة رام الله؛ فلم تتم دعوتهم، ولا تكريم أحيائهم وأمواتهم، ولم يوضع تاريخهم في الموقع الذي يليق بهم، وكأنهم لم يصنعوا نضالًا، ولم يكتبوا تاريخًا، ولم يخطّوا مسارًا، ولم يصنعوا بوصلة… لقد سقط دورهم وتاريخهم ،  وفي عقب ذلك علت  أصواتٌ من حناجرهم تدعو إلى عقد مؤتمر لختياريّة حركة فتح يجمع شتاتهم وكلمتهم ودورهم في محاربة الانقسام والاستيطان والفساد والبطالة والفقر، ويعيد حضورهم إلى العمل الجماهيري والمجتمعي، وخاصة في الجامعات والمدارس والنقابات والمزارع والأغوار والشوارع والمشافي والجمعيات واللجان والمساجد والكنائس … مؤتمرُ بناءٍ من جيشٍ ما زالت حركةُ فتح تسكن أعماقه وأرواحه وماضيه وحاضره ومستقبله . 

▪️مبارك من القلب لشبيبتنا الذين فازوا في انتخابات مؤتمرهم الأول، ورفعوا رايات العمل والبناء والحرية. الأمل بهم ومعهم، وعلى عاتقهم تكمن الخطوة الأولى لمعالجة حركة فتح مما يصيب جسدها من ضعفٍ وهزالٍ وأمراضٍ مزمنة، وضياعٍ للبوصلة والاتجاهات … وعن جيش ختياريّة فتح: هذه يدُ الجميع تحيط بهم من كل جانب.

💢 ملاحظة هامة: هذا نقدٌ وعتابٌ وكلامٌ جمعيّ، جُمع من قلوب ختياريّة حركة فتح وشبيبتها الأوائل، فاقتضى التنويه.