منتخبنا الوطني ومقياس النصر والهزيمة
بمقياس كرة القدم وقوانينها، فقد هُزم الفريق الفلسطيني "الفدائي" أمام المنتخب السعودي المونديالي.
وبمقياس الجمهور في المدرجات وأمام الشاشات، فقد أدّى الفريق الفلسطيني مباراةً مهنيةً مكتملة المواصفات، وبدا أداءه من المباراة الأولى حتى الأخيرة مفاجئاً للذين يضعون في الاعتبار الظروف المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون الذين هم أهل اللاعبين وما تمر به بلادهم التي تفتقر لأقل الإمكانات المتوفرة بكثرة لدى كل فريقٍ يواجهونه.
بمقياس كرة القدم فهنالك تقدمٌ ملحوظٌ في مستوى الأداء، ورغم عدم التأهل للدور الأعلى والخروج من منتصف الطريق، إلا أن منتخبنا أوجد مبرراً منطقياً للأمل بالفوز في الدوريات العربية والدولية القادمة، بما في ذلك تلك التي كانت المشاركة فيها ضرباً من ضروب الأمنيات الخيالية.
لن نستخدم مفردة النصر في وصف ما حدث، لأن صاحب القرار في هذا الشأن هو الملعب، وقوانين الكرة، غير أن ما يُلفت النظر حقاً هو دور فريقنا الوطني في تعزيز القوة الفلسطينية الناعمة، والمتفوقة من كل النواحي على قوة الخصم، وما نعنيه بالقوة الناعمة، هي تلك الإبداعات المميزة في مجال العلم حدّ إنهاء الأمية، وفي مجال الثقافة والادب والفن، حيث كبار الشعراء والكتّاب والأكاديميين الفلسطينيين، المنتشرين في كل أرجاء الكون، وهنا لا نورد أمثلةً بأسماء المبدعين، لكثرتهم على مستوى المنطقة والعالم، وكذلك كي لا نُلقي ضوءاً على بعضهم بما يظلم البعض الآخر ممن لا نذكرهم أو نتذكرهم.
الفلسطيني في شتى المجالات، يعتبر النصر هو البقاء في اللعبة مهما بلغت تكاليفها وخساراتها، ويعتبر التقدم في شتّى المجالات شرط حياةٍ وبقاءٍ وجدارة، وهذا ما يتم فعلاً وما سوف يتواصل حتماً.
نعترف بأننا قصّرنا ولفترةٍ طويلةٍ في تعريف العالم بقوة الإبداع التي تسمّى بالناعمة، والتي يتمتع بها الشعب الفلسطيني، حتى أصبح ظاهرةً في عصره، وها هو الآن برياضييه وفنانييه وأدباءه وأكاديمييه يقدّم شهادات جدارة بالحرية والاستقلال والدولة.
العالم يقوّم الشعوب ليس بما لديها من سلاحٍ وجندٍ وتكنولوجيا حربية، بل بما بلغ مستواها في مجال الإبداع في كل المجالات، ولا نغالي لو قلنا إن الفلسطينيين على هذا الصعيد وبإقرار العالم في المركز الأول.