خاص | ليلة قاسية أخرى يعيشها مئات الآلاف في قطاع غزة

2025-12-16 09:29:48

تتفاقم معاناة المواطنين والنازحين في قطاع غزة مع كل منخفض جوي جديد، حيث تحولت الأمطار إلى كابوس يومي يضاف إلى آثار الحرب المستمرة، في ظل انعدام الخيارات الآمنة للسكن، سواء في الخيام أو في بقايا منازل مهددة بالانهيار.

وأكدت الصحفية هداية عصمت حسنين من غزة، أن السكان لم يعودوا يبيتون بالمعنى الحقيقي للنوم، بل يعيشون لياليهم بين خيارين قاسيين: الغرق أو القلق من الغرق. وقالت إن من لا تغمره المياه يقضي ليلته في خوف دائم من انهيار منزله أو اجتياح الأمطار لخيمته.

وأشارت حسنين في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية إلى أن فرق الإنقاذ والجهات المختصة تؤكد أن نحو 90% من المنازل في بعض أحياء غزة، ومنها حي الشيخ رضوان، باتت آيلة للسقوط، ما يجعل الإقامة فيها مخاطرة يومية قد تنتهي بالموت تحت الأنقاض.

ونقلت حسنين حوارًا دار بينها وبين أحد المواطنين، لخص فيه المشهد بالقول: “الغرق موجود للجميع، لكن الفرق فقط في منسوب المياه”، موضحة أن حتى من لم تصلهم المياه جسديًا، فإنهم غارقون نفسيًا في التفكير والخوف والترقب.

وأضافت أن الأرقام الصادرة عن المؤسسات الرسمية والجهود الإغاثية، على الرغم من ضخامتها، لا تعكس الحجم الحقيقي لمعاناة البرد والرعب الذي يعيشه الناس، خاصة في ظل بنية تحتية مدمرة، وخيام تطايرت أو غرقت، ومنازل انهارت على ساكنيها، ما أدى إلى سقوط شهداء خلال الأيام الماضية.

وأوضحت أن كثيرًا من المواطنين لا يملكون خيار الانتقال إلى أماكن أكثر أمانًا، إذ لا تتوفر مساحات خالية، ولا خيام صالحة، ولا بيوت يمكن الوثوق بسلامتها. فحتى من يحاول تحسين وضع خيمته أو تغطيتها، قد يفاجأ بانجراف السيول نحو منطقته، أو برد قارس يخترق كل محاولات الاحتماء.

وأكدت حسنين أن الشتاء، الذي كان يومًا فصلًا محببًا لسكان غزة، بات اليوم مصدر خوف جماعي، حيث يتمنى الناس مروره سريعًا بأقل الخسائر الممكنة، في ظل ما تبقى من حياة هشة بعد أكثر من عامين من الدمار.

وختمت بالقول إن ما يعيشه الغزيون اليوم يفوق قدرة الوصف، مشددة على أن المعاينة المباشرة للواقع أقسى بكثير من أي خبر أو تقرير، في وقت تستمر فيه معاناة السكان مع كل قطرة مطر، حتى قبل أن تهطل السماء.