"أمان" يناقش مسودة تقرير حول الشفافية في إدارة استثمارات أموال هيئة التقاعد
حذّر تقرير جديد صادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة «أمان» من أزمة شفافية وحوكمة متفاقمة في إدارة استثمارات أموال هيئة التقاعد الفلسطينية، في ظل أزمة مالية غير مسبوقة تعانيها السلطة الفلسطينية، وتراكم ديون حكومية تُقدَّر بنحو 4.2 مليارات دولار لصالح حقوق الموظفين.
وقال الباحث ومعدّ الدراسة الدكتور إبراهيم ربايعة، إن التقرير يهدف إلى استقصاء واقع الشفافية والإفصاح في إدارة استثمارات أموال هيئة التقاعد، وقياس مدى الالتزام بمؤشرات الشفافية، وصولًا إلى تقديم توصيات عملية لتعزيز الثقة وحماية حقوق المشتركين والمتقاعدين.
وأوضح ربايعة في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية أن غياب هيئة التقاعد عن التعاون مع الدراسة شكّل التحدي الأبرز، لا سيما في ما يتعلق بإتاحة المعلومات، والتقارير السنوية، وبيانات الاستثمار، وإجراء المقابلات، معتبرًا أن هذا الغياب يضعف مصداقية الهيئة ويؤثر سلبًا على ثقة الجمهور.
وأشار إلى أن التقرير لا يتناول جدوى الاستثمارات أو معدلات العائد، بل يركّز على الإجراءات والحوكمة والإفصاح، مبينًا أن الدراسة خلصت إلى تراجع العلاقة بين الهيئة والجمهور خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الحضور الإعلامي أو النشر التفصيلي للمعلومات، إضافة إلى ضعف تحديث الموقع الإلكتروني وغياب التقارير المالية الدورية.
وبيّن ربايعة أن المشتركين والمتقاعدين هم أصحاب ملكية في الصندوق، ولهم حق قانوني في الاطلاع والمشاركة في التخطيط الاستثماري، وإدارة المخاطر، وتقييم الأثر، عبر تقارير دورية، وهو ما لا يحدث حاليًا، لا مع المشتركين ولا مع الرأي العام أو الإعلام.
وأوضح أن إحدى أهم مسببات أزمة الشفافية ترتبط بالأزمة المالية المستدامة، وتراكم المساهمات التقاعدية في ذمة وزارة المالية، إلى جانب تعقيد ملف الديون نتيجة تعدد القوانين والتصنيفات التقاعدية، ما انعكس على انتظام تحويل المستحقات وصرف الرواتب التقاعدية كاملة.
وأكد أن الدراسة خلصت إلى أن أزمة الثقة هي نتيجة خلل على ثلاثة مستويات:
الأول تشريعي وسياساتي، ويتطلب تعديلات قانونية تنظّم العمل الاستثماري وتعزز الشفافية؛
والثاني تنظيمي، يتعلق بحوكمة العلاقة بين مجلس الإدارة، ولجان الاستثمار والرقابة، والأطراف الخارجية؛
والثالث تنفيذي، يرتبط بالإجراءات، ونشر التقارير، وسياسات تضارب المصالح وإدارة المخاطر.
وأشار ربايعة إلى غياب سياسة استثمارية واضحة ومعلنة، وهو ما يشكّل أساسًا لضعف الحوكمة، مؤكدًا أن وجود سياسة شفافة يحدد أهداف الاستثمار، وتوزيع الأصول، وإدارة المخاطر، ويعزز الطمأنينة لدى الموظفين والمتقاعدين بشأن استدامة الصندوق.
وفي ما يتعلق بالتوصيات، دعا التقرير إلى إتاحة ونشر الاستراتيجيات والأنظمة المتعلقة بالاستثمار، وفصل الصلاحيات بين الجسم التنفيذي ومجلس الإدارة، وإنشاء جسم استثماري مستقل لإدارة أموال التقاعد بإشراف المجلس، إلى جانب اعتماد سياسة نشر ملزمة للتقارير السنوية والربعية.
وشدد التقرير على ضرورة إدارة شفافة للعلاقة بين وزارة المالية وهيئة التقاعد تضمن استقلالية الهيئة وعدم التداخل في الالتزامات التقاعدية، باعتبارها التوصية البنيوية الأهم لمعالجة الأزمة الحالية، وحماية حقوق المشتركين وضمان ديمومة الصندوق.