هل الضفة ضمن جدول أعمال فلوريدا؟
أفادت أنباءٌ واردةٌ من فلوريدا، حيث اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب، بأن الوضع في الضفة سيجري بحثه من جملة ما سيبحث من قضايا بين الحليفين، وإذا صدقت هذه الأنباء – ولم لا تصدق – مع التنكيل الإسرائيلي الشامل في الضفة، وليس آخره المشهد الذي لفّ الكون كله حيث جندي احتياطٍ مدجج بالسلاح قام بمحاولة دهس شابٍ فلسطيني كان يؤدي صلاته على قارعة الطريق.
وهذا لم يكن إلا نموذجاً جزئياً لجرائم لا تتوقف في كل مكان، ما جعل الضفة ليس مجرد منطقةٍ محتلةٍ بل وواقعةٍ تحت حربٍ مزدوجة، يتناوب فيها الجيش الإسرائيلي مع المستوطنين المسلحين، على إرهاب الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، وجعل حياتهم في مدنهم وقراهم ومخيماتهم جحيماً لا يُطاق، ما اعتبر تهيئةً لتحقيق مستحيل التهجير من الوطن.
الوضع في الضفة إلى جانب الإبادة في غزة، ليس مجرد وقفٍ لإطلاق النار يجري العمل على الحفاظ عليه، ولا مجرد استفزازٍ من فتيان التلال وأعمالهم الإجرامية التي تتم كلها تحت حراسة الجيش الإسرائيلي، ودعم وغطاء المستوى السياسي، ولا هو الإجابة عن سؤال من الذي سيدير غزة، ولا من يلجم فتيان التلال في الضفة، ولا حتى استعطاف نتنياهو ليطلب من سموتريتش إعادة بعض ما تم الاستيلاء عليه من أموال الفلسطينيين.
نعم كل ذلك نحتاجه ونرحب بكل جهدٍ يفضي إليه، ولكن ليس هذا ما يحل المشكلة حتى لو بدا أنه يهدّئ الأوضاع قليلاً.
إن جوهر المشكلة هو استمرار الاحتلال واستفحال الاستيطان برعاية ودعم ومشاركة من قبل المستوى السياسي، فهل يدرك رئيس مجلس السلام هذه الحقيقة، ويضعها في اعتباره وهو يسعى لدخول التاريخ كصانع السلام ليس في الشرق الأوسط وإنما في العالم كله.
لقاء فلوريدا ليس متوقعاً منه أن يجيب عن كل الأسئلة المطروحة حول الأوضاع في الشرق الأوسط، والتي جذرها القضية الفلسطينية، ولكن ما سيصدر عنه لابد وأن يكون مؤشراً إمّا على جمود الحالة وتدهورها كما يريد نتنياهو، أو تحريك الأمور باتجاهٍ عمليٍ نحو تطبيق قرار مجلس الأمن 2803، الذي كتبته أمريكا بيدها ويتعين عليها أن تحترمه وتعمل مع العرب والمسلمين والعالم على إنفاذه، فهل سنرى من فلوريدا مؤشراتٍ مقنعةٍ على هذا؟