خاص| الارتجاع المريئي.. اضطراب هضمي شائع وأعراضه قد تتجاوز المعدة
يُعدّ الارتجاع المريئي من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا، وغالبًا ما يُساء فهمه على أنه مجرد “حرقان معدة” عابر، في حين قد تكون له أعراض ومضاعفات تمتد إلى الصدر والحلق والجهاز التنفسي. طبيب الأسرة الدكتور سمير شماسني يوضح ماهية الارتجاع المريئي، أسبابه، أعراضه، وطرق التعامل معه.
قال طبيب الأسرة الدكتور سمير شماسنة في حديث خاص لـ"رايــة" إن الارتجاع المريئي هو أحد اضطرابات الجهاز الهضمي، وينتج عن عودة حمض المعدة ومحتوياتها إلى المريء بشكل غير طبيعي، بسبب ضعف العضلة العاصرة السفلية للمريء، التي تعمل في الحالة الطبيعية كصمام يمنع ارتداد الحمض بعد وصول الطعام إلى المعدة.
وأوضح شماسنة أن المريء هو أنبوب عضلي يصل البلعوم بالمعدة، ويبلغ طوله لدى الإنسان البالغ ما بين 25 إلى 30 سم، وتكمن المشكلة الأساسية في الارتجاع بارتخاء الصمام السفلي للمريء أو ضعفه، ما يسمح بعودة الحمض إلى الأعلى.
وأضاف أن أسباب الارتجاع متعددة، أبرزها ضعف العضلة العاصرة، وفتق الحجاب الحاجز، وزيادة الضغط داخل البطن كما في حالات السمنة والحمل، إضافة إلى العادات الغذائية غير الصحية مثل تناول الوجبات الدسمة أو الحارة، الأكل قبل النوم، التدخين، التوتر والقلق النفسي، وبعض الأدوية.
وبيّن أن أعراض الارتجاع المريئي تشمل حرقة في الصدر خلف عظمة القص، ألمًا صدريًا قد يختلط مع آلام القلب، ارتجاع الطعام بطعم حمضي أو مر في الفم، صعوبة في البلع، تجشؤًا متكررًا، وزيادة إفراز اللعاب.
وأشار شماسنة إلى أن الارتجاع قد يسبب أعراضًا غير متوقعة، مثل السعال الجاف المزمن وبحة الصوت، خاصة في الصباح، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى التهابات بالأذن نتيجة وصول السوائل المرتجعة، إضافة إلى رائحة الفم الكريهة ومشاكل اللثة والأسنان.
وأوضح أن بعض المرضى يعانون من ارتجاع شديد أثناء النوم، حيث قد يصل السائل الحمضي إلى الوسادة، ما يشكل خطر الاختناق، لذلك يُنصح برفع الرأس أثناء النوم باستخدام وسائد إضافية أو رفع رأس السرير.
وأكد أن علاج الارتجاع لا يقتصر على الأدوية، إذ لا يوجد علاج نهائي يستأصل المشكلة من جذورها، لكن يمكن السيطرة على الأعراض عبر تغيير نمط الحياة، مثل تقسيم الوجبات إلى كميات صغيرة، وعدم الاستلقاء قبل مرور ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد الأكل، وتجنب الأطعمة المهيجة.
وأضاف أن من النصائح الغذائية المهمة تقليل الدهون، المقالي، الأطعمة الحارة، الشوكولاتة، الحمضيات، القهوة، الشاي، والمشروبات الغازية، مقابل الإكثار من الخضروات الورقية، الخيار، الشوفان، الموز، التفاح، الزنجبيل، والبروتينات قليلة الدهون مثل الدجاج والسمك وبياض البيض.
وأشار شماسنة إلى أن شرب الماء الفاتر صباحًا يساعد في تهدئة المعدة، في حين أن بعض الأشخاص قد يشعرون بتحسن مؤقت عند شرب الحليب البارد، لكنه ليس حلًا دائمًا للجميع.
وحذّر من إهمال الأعراض المزمنة، موضحًا أن استمرار الارتجاع قد يؤدي إلى مضاعفات مثل التهاب المريء، تضيق المريء بسبب الندبات، مريء باريت، وزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء أو المعدة.
وشدد على ضرورة مراجعة الطبيب في حال ظهور علامات تحذيرية مثل فقدان الوزن غير المبرر، صعوبة البلع المستمرة، ألم الصدر المتكرر، السعال المزمن، بحة الصوت، أو عدم الاستجابة لمضادات الحموضة، إذ قد تستدعي الحالة إجراء منظار أو تدخلًا جراحيًا.
وختم بالتأكيد على أن العلاج الناجح يعتمد على معالجة السبب الأساسي للارتجاع، سواء كان مرضيًا كجرثومة المعدة أو مرتبطًا بنمط الحياة، مشددًا على أن الأدوية وحدها لا تكفي دون تغيير العادات اليومية.