زيلينسكي يطالب بضمانات أميركية طويلة.. وترامب يكتفي بـ15 عاماً
كشفت أوكرانيا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عرض على كييف ضمانات أمنية لمدة 15 عاماً بعد انتهاء الحرب مع روسيا، خلال محادثات رئاسية عُقدت نهاية الأسبوع في ولاية فلوريدا، إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتبر المدة غير كافية لردع موسكو عن أي عدوان مستقبلي، مطالباً بضمانات تمتد إلى 30 أو 40 أو حتى 50 عاماً.
وقال زيلينسكي، في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، إن ترامب وعده بدراسة المقترح، موضحاً أن الضمانات الأمنية تشكل شرطاً مركزياً لأي اتفاق لإنهاء الحرب، وربطها مباشرة بإمكانية رفع الأحكام العرفية المفروضة في البلاد منذ اليوم الأول للغزو الروسي في شباط/فبراير 2022، والتي تمنع الرجال بين 25 و60 عاماً من مغادرة البلاد دون تصريح خاص.
وأضاف أن اللقاء مع ترامب تناول أيضاً حزمة اقتصادية لإعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، إلى جانب بنود خطة سلام مشتركة من 20 نقطة أعدّتها واشنطن وكييف، في محاولة لإنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ضمانات أمنية غير محسومة
وبينما أعلن زيلينسكي أن اتفاقاً ثنائياً قد أُنجز حول الضمانات الأمنية، قدر ترامب مستوى التقدم بـ95 في المئة، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية ستتحمل "جزءاً كبيراً" من تنفيذ هذه الضمانات، بدعم أميركي، في حال التوصل إلى اتفاق نهائي.
ولم يكشف الطرفان تفاصيل الضمانات المقترحة، إلا أن زيلينسكي قال إن ترامب أبلغه بأنها ستتطلب موافقة الكونغرس الأميركي، ما يمنحها صفة قانونية ملزمة، وهو ما تعتبره كييف ضرورياً بعد فشل التطمينات الغربية السابقة في منع الغزو الروسي.
اجتماع أوكراني أوروبي
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأوكراني عن تحضيرات لعقد اجتماع قريب في كييف يضم مستشارين أميركيين وأوروبيين، يليه لقاء أوسع بين القادة الأوروبيين والأوكرانيين، قبل قمة محتملة تجمع ترامب بقادة أوروبا، تمهيداً لأي تواصل مباشر مع موسكو.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن هناك تقدماً في ملف الضمانات الأمنية، معلناً أن دول ما يُعرف بـ"تحالف الراغبين" ستجتمع في باريس مطلع كانون الثاني/يناير لوضع اللمسات الأخيرة على "المساهمات الملموسة" في أي ترتيبات أمنية مستقبلية.
روسيا: عقد السلام الثقيلة
ورغم التقدم في ملف الضمانات، لا تزال الخلافات الإقليمية العقبة الأكبر أمام أي تسوية. وتسيطر روسيا حالياً على نحو 19.2 في المئة من الأراضي الأوكرانية، تشمل شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، وأجزاء واسعة من دونباس، ومناطق في زابوريزهيا وخيرسون، إضافة إلى أجزاء محدودة من خاركيف وسومي وميكولايف ودنيبروبيتروفسك.
وأكد زيلينسكي أن قضيتين رئيسيتين لا تزالان عالقتين في خطة السلام، وهما مستقبل محطة زابوريزهيا النووية الواقعة تحت السيطرة الروسية، ومصير إقليم دونباس. وقال: "لا يزال هناك سؤالان: المحطة – كيف ستعمل؟ – والمنطقة"، في المقابل، شدد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على ضرورة انسحاب القوات الأوكرانية من الأجزاء المتبقية من دونيتسك، ملوحاً بأن كييف ستخسر المزيد من الأراضي إذا لم توافق على اتفاق، في وقت رفضت فيه موسكو فكرة وقف إطلاق النار لإجراء استفتاءات على التنازلات الإقليمية.
تعديلات قانونية
وتزامناً مع المسار التفاوضي، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعديلات قانونية تتيح لموسكو تجاهل الأحكام الصادرة عن محاكم أجنبية أو دولية لا تستند إلى اتفاق مع روسيا أو قرار من مجلس الأمن، في خطوة اعتُبرت رسالة سياسية رداً على مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحقه وبحق مسؤولين روس آخرين بتهم تتعلق بجرائم حرب وترحيل أطفال أوكرانيين.
ورغم تأكيد ترامب أن الاتفاق بات "قريباً جداً"، فإن استمرار الضربات الروسية على منشآت الطاقة الأوكرانية، وانقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة من كييف مع دخول فصل الشتاء، يعززان الشكوك الأوكرانية حيال صدقية الخطاب السلمي الروسي.
وقال زيلينسكي إن أفعال بوتين لا تنسجم مع رسائله إلى واشنطن، مضيفاً: "هذه الأعمال لا تتوافق مع الخطاب السلمي المزعوم"، فيما عبّر مواطنون أوكرانيون عن خشيتهم من أن يكون أي اتفاق سلام هشاً وقابلاً للانهيار في غياب ضمانات طويلة الأمد وملزمة